التعامل مع الأفراد من ذوي التوحد في قسم الطوارئ 

التعامل مع الأفراد من ذوي التوحد في قسم الطوارئ 

في قسم الطوارئ، غالبًا ما تسمع أصوات صفارات الأجهزة الطبية التي تقيس المؤشرات الحيوية للمرضى، مع وجود وحركة العديد من الأطباء والممرضين لإنقاذ حياة شخص ما أو تقديم علاج سريع. وبطبيعة الحال، تجد الكثير من الناس يتحدثون وأحيانًا يصرخون. باختصار، قد يصبح المكان صاخبًا وغير مريح في بعض الأحيان، فما بالك بالأفراد من ذوي التوحد. 

نسبة زيارة الأفراد ذوي التوحد لقسم الطوارئ: 

  • تظهر العديد من الأبحاث أن الشباب المصابين بالتوحد هم أكثر عرضة من أقرانهم غير المصابين للتوجه إلى قسم الطوارئ. بنسبة تزيد عن 30% في المتوسط مقارنة بغيرهم، ولكن لديهم عدد أقل من الزيارات لغرفة الطوارئ مقارنة بغيرهم، مما يؤكد الحاجة الملحة لتطبيق ممارسات طبية تتناسب مع احتياجاتهم الخاصة. 
  • لوثر كاليب (Luther Calib)، باحث في معهد كينيدي كريغر في بالتيمور، وجد أن الأطفال الذين تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد هم أكثر عرضة بشكل كبير لزيارة غرفة الطوارئ لأسباب نفسية مقارنة بأقرانهم الذين لا يعانون من التوحد. تشمل هذه المشاكل السلوكية السلوك التخريبي، العدوان الجسدي للآخرين، إيذاء النفس، والهروب. 

التحديات والصعوبات التي تواجه الأفراد من ذوي التوحد ومقدمي الرعاية الطبية في قسم الطوارئ: 

  • الدكتورة روما فاسا (Roma Vasa)، كبيرة الباحثين وطبيبة نفسية للأطفال في مركز التوحد والاضطرابات ذات الصلة في معهد كينيدي كريغر، تقول إن أطباء غرفة الطوارئ مدربون على التعامل مع السلوك العدواني والتخريبي لدى الأطفال الطبيعيين، لكنهم قد لا يكونون على دراية بكيفية التعامل مع طفل مصاب بالتوحد يعاني من مشاكل سلوكية شديدة. 
  • العناية بطفل من ذوي التوحد تختلف بسبب التحديات المتعلقة باللغة، التفاعل الاجتماعي، والمشاكل الحسية المفرطة، مما قد يستغرق وقتًا من مقدمي الرعاية لفهمه، خاصةً أن الكثير منهم لم يتلقوا التدريب المتخصص اللازم للتعامل مع هؤلاء الأفراد وحالاتهم الطبية الخاصة. 
  • وفقًا لمجلس الاعتماد الدولي لمعايير التعليم المستمر (IBCCES)، فإن أطفال التوحد الذين يواجهون تحديات في اللغة والتعلم قد يجدون صعوبة في فهم إجراءات المستشفى والاختبارات الطبية اللازمة، مما يزيد من مستويات التوتر لديهم. هذا الأمر دفع العديد من الأطفال من ذوي التوحد إلى الشعور بالقلق من زيارة الطبيب، ويمكن أن تكون التجارب المرهقة والبيئة الصاخبة، خاصةً عندما لا تُدار بالطريقة المناسبة لاحتياجاتهم، صادمة وتؤدي إلى تفاقم مخاوفهم وحالتهم الطبية، حتى بعيدًا عن موضوع التوحد نفسه. 
  • في عام 2015، قادت ليزا كروين (Lisa Crowwin)، الباحثة الرئيسية ومديرة برنامج أبحاث التوحد في كايزر برمننتي في أوكلاند، كاليفورنيا، استطلاعًا شمل مئات من مقدمي الرعاية الصحية الأولية والصحة النفسية، وأفادوا بأنهم بحاجة إلى مزيد من الموارد والتدريب للعمل مع البالغين من ذوي التوحد. 
  • لأن الأمور معقدة، أدت هذه الظروف إلى علاج غير صحيح أو غير كافٍ لهؤلاء الأفراد. وجدت دراسة قادتها الباحثة تاجا هيرفيسكوفسكي (Taja Hirviskovski) وفريقها في معهد كارولينسكا أن البالغين الذين يعانون من التوحد هم أكثر عرضة بمقدار الضعف للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكري، وأنهم يُبلغ عن وفاتهم قبل 16 عامًا من نظرائهم الذين يتطابقون معهم في العمر والجنس وبلد الإقامة. 
  • تضيف الدكتورة ريني فوهرا (Reni Vohra) وزملاؤها مزيدًا من التعقيد إلى هذا الموضوع من خلال اكتشاف أن الأفراد المصابين بالتوحد غالبًا ما يواجهون أمراضًا مصاحبة مثل الإعاقات العقلية، والاكتئاب، والقلق، مما يزيد من صعوبة توفير رعاية محددة. 
  • يعاني الأفراد المصابون بالتوحد من مشاكل سلوكية مثل العدوان، وتدمير الممتلكات، وإيذاء النفس، وغيرها من التحديات والسلوكيات التي قد تتطلب رعاية طارئة، كما ذُكر في مجلة الإعاقة العقلية والنمائية (Journal of Intellectual and Developmental Disabilities). 

أكثر الحالات شيوعًا للأطفال والبالغين المصابين بالتوحد الذين يتم إحضارهم إلى غرفة الطوارئ: 

  • تشمل حالات التسمم، حيث أُبلغ عن أن 28% قد تناولوا أدوية أو مواد طبية مختلفة، و27% تناولوا مهدئات وعوامل نفسية أخرى، و25% أساءوا استخدام مسكنات الألم. 
  • تقول الدكتورة كاثرين والبرت (Catherine Walpert) إن المشاكل الشائعة الأخرى في غرفة الطوارئ تشمل مشاكل الجهاز الهضمي مثل الإمساك، الارتجاع المعدي المريئي، أمراض الأمعاء الالتهابية، مرض السيلياك، واضطرابات النوبات مثل الصرع، والاضطرابات الجينية، والأمراض الأيضية. كذلك التواصل مع مقدمي الرعاية والانتباه إلى التحفيز البيئي وتحديد الاحتياجات للتكيف وفهم الحالات الطبية المرتبطة بشكل متكرر هي اعتبارات مهمة خلال زيارات غرفة الطوارئ، والتي غالبًا ما تُهمل بسبب نقص التدريب السريري في هذه المجالات. 
  • تقول الدكتورة هاليداي (Halliday) إنه من المهم لمقدمي الرعاية الصحية أن يضعوا كل هذا في الاعتبار عند علاج مرضاهم المصابين بالتوحد. بدون التدريب الطبي اللازم وفهم هذه القضايا، تصبح عملية العلاج أكثر صعوبة، وتزداد احتمالية حدوث حالات غير مناسبة بسبب سوء الفهم أو نقص المعرفة. 
  • وفقًا لدراسة نشرتها كليم بليندر وآخرون (Climb Belinder et al.) في المجلة الدولية للإعاقات النمائية (International Journal of Developmental Disabilities)، تم تحديد أن ضعف التواصل في اللغة والإدراك لدى الأطفال يحد من قدرتهم على فهم متطلبات التدخلات في غرفة الطوارئ، مثل إعطاء المغذي الوريدي. 
  • تشير طبيبة الأطفال جوستين كوهين سيلفر (Justine Cohen Silver) إلى أن أسلوب التواصل غير المناسب لبعض مقدمي الرعاية الصحية قد يكون نتيجة نقص التدريب في التعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد. كما أن الفحص الجسدي في غرفة الطوارئ يمكن أن يكون مخيفًا ومرهقًا. 
  • أتذكر في فترة دراستي الجامعية عندما كنت مساعدًا طبيًا في عيادة أطفال، حيث التقيت بمريضة، وهي فتاة صغيرة مصابة بالتوحد، كانت تعاني من خوف شديد عند شد سوار قياس ضغط الدم، وكان الطبيب يواجه صعوبة في تهدئة مخاوفها. تشير مثل هذه المواقف إلى الحاجة إلى تحسين التواصل مع الأطفال ذوي التوحد قبل وأثناء الزيارة، وكذلك تحسين ممارسات الفحص الطبي التي قد لا تثير ردود فعل سلبية. 

طرق واستراتيجيات لتحسين تجربة الأفراد من ذوي التوحد في قسم الطوارئ: 

  • يقول دكتور ويلكنسون ودكتور ويتشر (Wilkinson and Witcher) إن بعض هذه العوامل يمكن معالجتها من خلال التدخلات الفردية. على سبيل المثال، يمكن وضع المرضى في غرف خاصة وهادئة كلما أمكن ذلك، وتقليل الأضواء، وإيقاف تشغيل الشاشات عند عدم الحاجة إليها، كما يمكن خفض صوت أجهزة الإنذار. تشمل الحلول الأخرى توفير سماعات إلغاء الضوضاء أو سدادات الأذن لتقليل التحفيز الحسي. كما يجب مراعاة أن بعض الأفراد من ذوي التوحد قد يجدون لبس أساور الهوية غير مريح، ويجب السماح لهم بارتداء ملابسهم الخاصة أثناء الفحص إذا فضلوا ذلك. 
  • وجدت دراسة في مستشفى جامعة جالواي في أيرلندا (The University Hospital of Galway) أنه تم تحسين التجربة من خلال تسريع عملية الانتظار ووضع منطقة انتظار منفصلة. 
  • دراسة من مجلة الأكاديمية لطب الأطفال (The Journal of the Academic ) من ثماني سنوات اقترحت نظامًا يسمح للطفل ومقدمي الرعاية بالمغادرة والعودة في وقت لاحق. 
  • في عام 2014، بدأت أول غرفة طوارئ للأطفال صديقة للتوحد لتقديم خدمة أفضل. في هذه الغرفة، تم تدريب ممرضات الطوارئ ومقدمي الخدمات الطبية على التعامل مع الأفراد من ذوي التوحد باستخدام أجهزة iPad التي تحتوي على تطبيقات تساعد في التواصل. تسهل هذه الأجهزة فهم شكوى المريض ومستوى الألم لديه وتوضيح التوقعات لزيارة المريض، مما يقلل من الخوف والارتباك. كما تم تقديم صناديق حسية تحتوي على أدوات ذات قوام مختلف لمساعدة المرضى على تهدئة أنفسهم وإدارة الإجهاد والقلق المرتبط ببيئات المستشفيات. 

في النهاية، لا يمكن تنفيذ جميع هذه الممارسات والاستراتيجيات في كل المرافق الطبية في الوقت الحالي. نحتاج إلى تشجيع صناع القرار على سن التشريعات اللازمة لجعل هذا المجال من الطب أفضل من خلال وضع مبادرات تلبي احتياجات الأطفال والبالغين المصابين باضطراب طيف التوحد. 

المصدر:  

Alycia Halladay . (2024, Aug 18). Dealing with an ER visit. Autism Science Foundation. https://asfpodcast.org/archives/1751 

أعداد: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد 

[ratemypost]

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات