التقييم الغير مباشر لوظيفة السلوك في تحليل السلوك التطبيقي

بقلم : أ.نجلاء باهمام. أخصائي تحليل سلوك تطبيقي مراجعة: أ.أسماء الصالح. مساعد مدير عام الخدمات التأهيلية – مركز التميز للتوحد

التقييم الغير مباشر لوظيفة السلوك في تحليل السلوك التطبيقي

يعد تحليل السلوك التطبيقي نهج علمي لفهم السلوك باستخدام ممارسات مثبتة علمياً ومبنية على البراهين تقوم على بناء سلوكيات جديدة و زيادة السلوكيات المرغوب بها الموجودة لدى الفرد والحفاظ عليها  بالإضافة إلى خفض السلوكيات الغير مرغوب بها أو ما يعرف بالمشاكل السلوكية، فيتم التعامل معها بوضع خطط لتعديل السلوك التي تقوم على وظيفة أو مسببات السلوك وبناءاً عليها يتم تحديد الإجراءات التي سيتم استخدامها من قبل المعالج أو الوالدين.

وبشكل عام يفضل مختصين تحليل السلوك التطبيقي أدوات التقييم المباشرة والتي تتميز بدقتها مقارنة بالتقييمات الغير مباشرة وهي التقييمات المبنية على الملاحظة مثل نموذج (A-B-C) أو مايسمى بنموذج متابعة السلوك القائم على تسجيل السوابق – السلوك – اللواحق  والذي يعتمد على الرد على سؤال ماذا يحدث قبل السلوك، وصف السلوك ذاته، ونتائج هذا السلوك أي ماذا يحدث بعد السلوك بملاحظة ردود أفعال المحيطين بالفرد، وكتابة ما يتم ملاحظته بشكل فوري لزيادة دقة ومصداقية المعلومات التي ستبنى عليها النتائج والتقليل من المعلومات التقديرية المعتمدة على الذاكرة. ولكن قد يحدث عدد من العثرات التي تقف أمام الملاحظة المباشرة مثل: حدوث السلوك في المنزل فقط، أو مع شخص معين، المسؤوليات الأخرى التي تقع على عاتق المُلاحِظ مما يجعله غير قادر على تسجيل بيانات متابعة السلوك في كل مرة يظهر فيها بنسبة 100%، بالإضافة إلى عدم تواجد الأخصائي بشكل دائم مع الطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد، فقد يظهر السلوك في بيئات مختلفة ومع أشخاص آخرين، وبناءاً على ذلك يلجأ مختصي تحليل السلوك التطبيقي لإستخدام الأدوات الغير مباشرة والتي تقوم على المقابلات للأشخاص المحيطين بالفرد من مقدمي الرعاية (مثل: الوالدين – المعلمين – الأخصائي المسؤول عن الحاله ) أو غيرها كالاستبيانات لتكون مكملة للأدوات المباشرة الأخرى ولا يتم الاعتماد عليها وحدها لوضع خطة علاجية للمشكلة السلوكية؛ فقد تكون المعلومات المأخوذة من الأداة الغير مباشرة غير موضوعية نتيجة للعوامل والآراء الشخصية للشخص المُقابَل، كما تؤثر عوامل الذاكرة بفقدان بعض المعلومات المهمة على دقة المعلومات لتحديد وظيفة السلوك، ويترتب على ذلك تعارض أحد أهم الفلسفات المنبثقة من تحليل السلوك التطبيقي وهي العمل القائم على موضوعية ودقة المعلومات والبيانات التي على أساسها يتم وضع الخطط العلاجية بشكل عام، و يعتبر التقييم متعدد الأساليب (مباشر – غير مباشر) هو الأفضل على الإطلاق نظرا لسند الأسلوبين لبعضها البعض، أي أن كل أسلوب يقلل من سلبيات الأسلوب الآخر، وكنتيجة لذلك تصبح المعلومات أكثر تكاملية.

تعد الأداة المسحية لتقييم وظيفة السلوك (FAST) أحد أهم أدوات التقييم الغير مباشر لوظيفة السلوك وتعرف بأنها أداة تقييم غير مباشرة تقوم على مقابلة مقدم الرعاية (الوالدين) أو المعلمين وسؤالهم عدد من الأسئلة العامة كجزء أول من المقابلة عن الشخص المُقابَل ومدى معرفته بالطفل، نوع المشكلة السلوكية ووصفها، معدل تكرار حدوث السلوك بشكل عام، و المواقف التي تكون احتمالية ظهور السلوك فيها أقل، بالإضافة إلى ذلك ماذا يحدث قبل وبعد ظهور السلوك ومن الأشخاص المتواجدين حين ظهور السلوك عادةً، وفي الجزء الثاني من المقابلة تحتوي الأداة على 3 أجزاء لتقيس وظائف السلوك الأساسية وهي: الحصول على الشيء المرغوب، الحصول على الانتباه من الاخرين، الحصول على معزز حسي، الهروب أو تجنب شيء غير مرغوب به. وذلك يتضمن عدد من الأسئلة والتي تتم الاجابة عليها بنعم أو لا والتي تساعد على تحديد الوظيفة المحتملة للسلوك من وظائف السلوك الأربعة بعدد مرات الإجابة بنعم للأسئلة المتعلقة بكل وظيفة، وعلى سبيل المثال :

  • الأسئلة المتعلقة بوظيفة الحصول على الانتباه: هل يحدث السلوك عند تواجد الآخرين عادة؟، هل يحدث السلوك عندما لا يحصل على انتباه من الآخرين كأن يكون الأشخاص المتواجدين مشغولين عنه. 
  • الأسئلة المتعلقة بوظيفة الهروب: هل يحدث السلوك خلال أداء المهام أو سؤاله لإكمال مهمة ؟ 
  • الأسئلة المتعلقة بوظيفة الحصول على شيء مرغوب: هل يحدث السلوك عند أخذ شيء معين منه، أو عند انتهاء نشاط مفضل للطفل ؟
  • ومن الأمثلة للأسئلة المتعلقة بوظيفة المعزز الحسي (التلقائي): هل يحدث السلوك بشكل متكرر عندما يكون الطفل بمفرده؟ 

قد تتشابه المشاكل السلوكية بشكلها وطبيعتها لدى الأطفال بشكل عام، وتختلف المشاكل السلوكية في وظائفها بحسب سياق الموقف وما حدث قبله، وما يعمل على تعزيزها بما حدث بعده. وكما أشرنا سابقاً يعتمد اختيار الإجراءات المنبثقة من تحليل السلوك التطبيقي في التعامل مع المشاكل السلوكية على أساس وظيفة تلك السلوكيات أو مسبباتها وذلك ما يشكل أهمية أدوات التقييم الوظيفي للسلوك.   

ومن الجدير بالذكر أن أدوات التقييم الغير مباشرة بشكل عام تتميز بسهولة تطبيقها من ناحية الوقت والجهد. وكما تم ذكره أنها تعد من الأدوات المكملة لأدوات التقييم المباشرة للحفاظ على أدق النتائج وأفضلها للتعامل مع الأطفال من ذوي اضطراب التوحد  والحفاظ على تكاملها.

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 5 / 5. عدد المشاركات: 1

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات