السيروتونين واضطراب طيف التوحد

الكاتبة: نيكوليت زيلادت – 1 مايو 2019
The article was originally published on Spectrum, the leading site for autism research news. https://bit.ly/30AispI
spectrum Logo

السيروتونين واضطراب طيف التوحد

السيروتونين، هي مادة كيميائية في الدماغ معروفة بصلتها بالاكتئاب، قد تكون لها علاقة باضطراب طيف التوحد! 

لدى السيروتونين العديد من الأدوار في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الحالة المزاجية، والنوم، والشهية، والتواصل الاجتماعي، كما تلعب دورًا مهمًا في نقل الرسائل بين الخلايا العصبية في المخ، وتؤدي إلى تقلص أو توسع الأوعية الدموية في الدم، وفي الأمعاء يحفز العضلات على المشاركة في الهضم. و ترتبط مستويات السيروتونين في المخ ارتباطًا وثيقًا بالاكتئاب. لذلك تعمل الكثير من الأدوية المضادة للاكتئاب على زيادة مستويات السيروتونين عند التقاطعات العصبية في الجسم.

قبل عقود ظهرت الروابط الأولية الضعيفة بين السيروتونين والتوحد. حيث أشارت دراسة في عام 1961 م أُجريت على 23 شخصًا يعانون من التوحد، إلى أن ستة منهم لديهم مستوى مادة السيروتونين في الدم مرتفع بشكلٍ غير اعتيادي. منذ ذلك الحين، يجد الباحثون بشكل مستمر أن حوالي شخص من كل أربعة أشخاص مصابون بالتوحد يكون لديه مستوى مرتفع من السيروتونين في الدم. 

يقول جيريمي فينسترا-فاندرويل (بروفيسور في الطب النفسي بجامعة كولومبيا): هذه النتيجة “تتكرر بشكل لايصدق”. 

بعد هذه النتائج، أصبح هنالك المزيد من الدوافع حول دراسة العلاقة بين السيروتونين والتوحد. وخلال العشرين عاماً الماضية، تم إجراء العديد من الاختبارات حول مضادات الاكتئاب كعلاج للتوحد؛ وكانت النتائج مختلطة. وفي السنوات الخمس الماضية ازداد الاهتمام بدور السيروتونين في التوحد، جزء من ذلك الاهتمام نتيجة لدراسات أجريت على الفئران و وضحت وجود علاقة بين  السيروتونين و السلوك الاجتماعي.     

فيما يلي المعلومات التي توصل إليها الباحثون  عن دور السيروتونين في اضطراب طيف التوحد. 

ما الذي يفسر ارتفاع مستوى السيروتونين في الدم لدى الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد؟

يتم التحكم في مستويات السيروتونين في الدم جزئيًا بواسطة بروتين يسمى ناقل السيروتونين، الذي ينقل السيروتونين من الأمعاء، حيث يتم صنع  معظم السيروتونين بالأمعاء؛ إلى الخلايا في الدم. 

يتأثر مستوى السيروتونين في الدم بالعوامل الوراثية بشدة، الأمر الذي يُشيرُ إلى أن العوامل الجينية تتحكمُ بها.

قد يحمل بعض الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد ناقل للسيروتونين بشكل مختلف بحيث يعزز القدرة على نقل السيروتونين إلى خلايا الدم. حيث أظهرت التجارب على الفئران مع ناقل السيروتونين المختلف، مستويات عالية من السيروتونين في الدم وسلوكيات شبيهة بالسلوكيات الموجودة باضطراب طيف التوحد.

مالذي يفعله السيروتونين في الدماغ؟

في الجنين، يساعد السيروتونين على تكوين الخلايا العصبية ونقلها إلى مواقعها الصحيحة؛ كما أنه يساعد الخلايا العصبية  على الارتباط مع الخلايا العصبية الأخرى في تقاطعات تسمى “نقاط الاشتباك العصبي”. أيضًا السيروتونين الذي يكون أكثر من اللازم أو القليل جدًا يمكن أن يكون ضارًا. تظهر الفئران المعرضة للكثير من  السيروتونين في الرحم إلى تطور مختلف في منطقة الدماغ (المسؤولة عن حركات الشوارب) عن الفئران، أما الآخرين الذين لديهم القليل جدًا من  السيروتونين يكون لديهم سلوكيات تكرارية و صعوبات اجتماعية. 

في الدماغ المكتمل النمو، السيروتونين هو ناقل عصبي: ينقل الرسائل بين الخلايا العصبية. حيث، يقوم ناقل السيروتونين بالتحكم في مستوى السيروتونين عند التشابك العصبي. و أيضًا يقوم ناقل السيروتونين بضخ السيروتونين إلى الخلايا العصبية مرة أخرى وإعادة تدويره لاستخدامه لاحقًا. من الممكن أن  يكون هذا الناقل مختلف في الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد. 

ما العلاقة بين مستوى السيروتونين في الدم مع السيروتونين في الدماغ؟

لا تزال هذة العلاقة غير واضحة، لأن السيروتونين الموجود في الدم لا يستطيع المرور إلى الدماغ؛ والدماغ يصنع السيروتونين الخاص به. من المتوقع أن يكون للتغير الوراثي الذي يؤدي إلى زيادة قدرة البروتين الناقل على نقل السيروتونين إلى الدم نفس التأثير على الخلايا العصبية؛ وذلك من خلال ترك القليل من هذه المادة متوفرةً في منطقة التشابكات العصبية لنقل الرسائل فيها. قد تفيد الأدوية المضادة للاكتئاب من خلال قدرتها على استعادة مستويات السيروتونين في التشابك العصبي. 

ما العلاقة بين  مستوى السيروتونين في الدماغ و اضطراب طيف  التوحد؟

تشير بعض الدراسات إلى أن هناك انخفاض في مستوى السيروتونين في أدمغة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد. عندما يتبع البالغين ذوي اضطراب طيف التوحد نظامًا غذائيًا منخفضًا في تريبتوفان الأحماض الأمينية – وهي المادة الخام للسيروتونين – فإن سلوكياتهم التكرارية تزداد ويزيد تهيجهم أيضاً. و تظهر أنماطًا متغيرة لنشاط الدماغ في المناطق المسؤولة عن تفسير تعابير الوجوه؛ مما يشير إلى أن السيروتونين يؤثر على السلوك الاجتماعي. 

كما تشير دراسات تصوير الدماغ إلى أن بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ينتجون القليل من السيروتونين في الدماغ، في حين أنه بالنسبة للبعض الآخر، يؤثر انخفاض مستوى السيروتونين على مستقبلاته.

هل يمكن للعلاجات (الأدوية) التي تزيد من مستوى السيروتونين التخفف من سمات اضطراب طيف التوحد؟

هذا مُحتمل؛ فإن الأدوية المضادة للاكتئاب والتي تسمح للسيروتونين بالبقاء لفترة أطول في التشابك العصبي تساعد في تخفيف السلوكيات التكرارية لدى بعض البالغين من ذوي اضطراب طيف التوحد. تسمى هذه الأدوية، مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، لكن لم يثبت بعد أنها تفيد الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. لكن التجارب السريرية لهذه الأدوية يعيقها التأثيرات القوية للدواء الوهمي والتي قد تجعل من الصعب تحديد الفائدة من هذه الأدوية. 

 تشير الأدلة الأولية إلى أن العنصر النشط في عقار  “إكستاسي””Ecstasy” و الذي يرفع مستويات السيروتونين في الدماغ، يعمل على تخفيف القلق الاجتماعي عند البالغين من ذوي اضطراب طيف التوحد.     

أيضاً وجد في بعض نماذج الفئران المخصصة لدراسة التوحد أن لديها مستويات منخفضة من السيروتونين في الدماغ. وبالتالي فإن علاج مجموعة من الفئران بواسطة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) من الولادة يمنع السلوكيات الاجتماعية الشبيهة بسمات التوحد؛ وفي مجموعة أخرى من الفئران فإن زيادة السيروتونين يجعلهم اجتماعيين بشكل أكبر.   

هل يؤثر مستوى السيروتونين في الرحم عند الحمل على خطر إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد؟ 

بعض الدراسات بحثت في ما إذا كان التعرض للأدوية المضادة للاكتئاب في الرحم له أي تأثير على خطر إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد، ولكن الجواب غير واضح. إحدى المشكلات هي أن الباحثين بالغالب غير قادرين على فصل تأثير الأدوية المضادة للاكتئاب و تأثير حالة الاكتئاب نفسها عند الأم. من المفيد معرفة ما إذا كان هناك تاريخ عائلي للاكتئاب مرتبط باضطراب طيف التوحد.  

إلى أين تتجه الأبحاث حول العلاقة بين السيروتونين واضطراب طيف التوحد؟

بعض الباحثين يختبرون ما إذا كانت الأدوية التي تنشط مستقبلات السيروتونين سوف تجعل نماذج الفئران المصابة بالتوحد أكثر تفاعلًا اجتماعيًا، ويعمل البعض الآخر على استراتيجيات تثبط نشاط ناقل السيروتونين دون منعه تمامًا. 

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 0 / 5. عدد المشاركات: 0

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات