العلاقة بين متلازمة كروموسوم إكس الهش واضطراب طيف التوحد

العلاقة بين متلازمة كروموسوم إكس الهش واضطراب طيف التوحد

متلازمة كروموسوم إكس الهش هي أحد الأسباب الوراثية الرئيسية التي تؤدي الى اضطراب طيف التوحد. حيث أنة من بين كل ثلاثة أشخاص مصابين بالمتلازمة، يوجد بينهم شخص مصاب باضطراب طيف التوحد. ولكن حتى أولئك الذين لا يعانون من التوحد غالبًا يكون لديهم بعض سمات التوحد، مثل: تجنب التواصل البصري والصعوبات في المواقف الاجتماعية. المسبب لمتلازمة كروموسوم إكس الهش هو الطفرات في جين “FMR1” وهذه الطفرات أيضاً تكون موجودة في ما يصل إلى 5% من حالات اضطراب طيف التوحد.

بناءً على هذه الأسباب، فإن توفر الأبحاث في مجال متلازمة كروموسوم إكس الهش يمكن أن يعطينا معلومات و اقتراحات حول البيولوجيا في اضطراب طيف التوحد و طرق علاجه. 

فيما يلي ما يعرفه العلماء حول متلازمة كروموسوم إكس الهش. 

ماهي متلازمة كروموسوم إكس الهش ؟ 

متلازمة كروموسوم إكس الهش هي المسبب الأكثر شيوعًا للإعاقة الذهنية. إن معدل الإصابة بالمتلازمة حوالي شخص واحد من كل 4,000 من الذكور و نصف العدد بالنسبة للإناث. يكون عند الأشخاص المصابون بالمتلازمة صفات جسدية غير طبيعية، مثل: الوجه الطويل، والأذنين الكبيرتين،  والأقدام المسطحة. و بعض الذكور يكون لديهم خصيتان كبيرتان. و بعض المصابين والمصابات بالمتلازمة يكون لديهم نوبات. 

ما هي العلاقة بين متلازمة كروموسوم إكس الهش واضطراب طيف التوحد؟ 

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC)  فإن تقريباً (50% من الذكور و 16% من الإناث) المصابون بمتلازمة كروموسوم إكس الهش، هم مصابون أيضاً باضطراب طيف التوحد. أشارت دراسات أخرى إلى أن ما يصل إلى 90% من الرجال المصابين بمتلازمة إكس يكون لديهم بعض سمات التوحد مثل: تجنب التواصل البصري. و تشير الدراسات إلى أن السمات قد تظهر بشكل مختلف في متلازمة إكس و اضطراب التوحد. على سبيل المثال: قد يُظهر الأشخاص المصابون بمتلازمة إكس بعض السلوكيات التكرارية، مثل: رفرفة اليدين، في المقابل فإن الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد يكون لديهم مجموعة واسعة من السلوكيات التكرارية أو الاهتمامات المقيدة أو كليهما. أيضًا قد يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من متلازمة إكس والذين يعانون من اضطراب التوحد مسارات نمائية مختلفة، على سبيل المثال: المشاكل الاجتماعية تزداد سوءًا في الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد مقارنةً بالأشخاص الذين لديهم الحالتين اضطراب طيف التوحد ومتلازمة كروموسوم إكس الهش. 

ما الذي يسبب الهشاشة في كروموسوم إكس X؟ 

في معظم الحالات، يكون سبب المتلازمة طفرة في“FMR1” والتي تقع على كروموسوم إكس X. الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة في كروموسوم إكس X يكون لديهم أكثر من 200 تكرار متتالي من (ثلاثة نوكليوتيدات، هي ‘CGG’)  في بداية الجين، في حين أن الأشخاص الطبيعيين لديهم  ٥٤ أو أقل من هذه التكرارات. عند استخدام المجهر لتوسيع CGG فإنه قد يظهر طرف كروموسوم إكس  X “الهش”.  

يمكن لتكرار التوسيع إيقاف إنتاج بروتين يسمى “FMRP” هذا البروتين له وظائف مهمة، مثل التحكم في إنتاج البروتينات عند نقاط الاشتباك العصبي، وهي التقاطعات بين الخلايا العصبية. 

تقول نظرية إكس X الهشة، أنه عندما يكون “FMRP” مفقودًا، فإن تركيب البروتين يزداد و يعطل العمليات المعرفية. و من جهة أخرى، هناك دراسة نشرت الشهر الماضي، عقدت فهم العلماء للمتلازمة، فالدراسة تشير إلى أن فقد FMRP يؤدي إلى قلة البروتينات.  

ماهو “التبديل” في متلازمة كروموسوم إكس الهش؟ 

يُعرَّف “التبديل” في متلازمة إكس الهش بأنه يحتوي على 55 إلى 200 تكرار من CGG  في FMR1. التبديل يخفف من صنع FMRP  ولكنه لا يخفيه. و نظراً لأن ناقلات التبديل لا تظهر علامات خارجية، فإن انتشار التبديل غير معروف. في الولايات المتحدة التقديرات تتراوح في الإناث من (1 في كل  148)  إلى (1 في كل  291)  وفي الذكور من (1 في كل 290) إلى (1 في كل  855) . 

بعض الإناث مع هذا التبديل يصابون بحالة تسمى “إكس الهشة المرتبطة بقصور المبيض الأولي” والتي يمكن أن تؤدي إلى الانقطاع المبكر للطمث. أيضاً يمكن أن يصاب كل من الذكور  والإناث مع هذا التبديل بحالة تسمى “إكس الهشة المرتبطة بمتلازمة الرعاش/ الرنح”، والتي تسبب الرجفة والمشكلات الإدراكية. يزداد خطر الإصابة بهذه الحالة مع التقدم في العمر حيث تشير التقديرات إلى أن 30% من الذكور المصابين و 8 إلى 16,5% من الإناث المتأثرات تتجاوز أعمارهم 50 سنة. 

في بعض الأحيان يمكن لتكرار التبديل أن يمتد إلى الأجيال القادمة إلى أن يصل إلى المتلازمة الكاملة. كلما تكرر التبديل عند الأم، زادت فرصة حصول الطفل على الطفرة الكاملة. 

بعض الأشخاص لديهم تكرارات بين 45 و 54 من CGG – وهو ما يسمى طفرة “المنطقة الرمادية”. يعرف الباحثون القليل عن تأثير طفرة “المنطقة الرمادية”، على الرغم من أن الأدلة تشير إلى أن هذه الطفرة يمكن أن يؤدي إلى بعض سمات حالة “إكس الهشة المرتبطة بمتلازمة الرعاش/ الرنح”. 

هل هناك نماذج للحيوان متاحة لدراسة متلازمة كروموسوم إكس الهش؟

طور الباحثون نماذج من الفئران والجراذي لمتلازمة كروموسوم إكس الهش عن طريق حذف FMR1. تبين أن أدمغة هذه الفئران تستجيب بشكل غير طبيعي للمحفزات الاجتماعية، مثل: لقاء فأر جديد. أيضًا تظهر الفئران تغيرات في دائرة الدماغ تتضمن القشرة الجبهية،  وهي التي تلعب دورًا في الإدراك الاجتماعي.  

من غير الواضح ما إذا كانت السلوكيات والأعراض التي تظهر على الفئران تنطبق على الأشخاص المصابين بالمتلازمة أم لا. لأن السلوكيات التي تظهر على الفئران و التي تفتقر إلى FMR1 تكون غير متناسقة، وفي كثير من الحالات لا تشبه تلك الموجودة في الإنسان. على سبيل المثال: لا تظهر الفئران مشاكل معرفية،  وهذه تعتبر واحدة من السمات الأساسية لـ متلازمة كروموسوم إكس الهش. وجود النموذج الحيواني الذي يحاكي المتلازمة بدقة سوف يساعد الباحثين في  اختبار العلاجات وتتبع أصل (منشأ) المتلازمة. 

هل هناك علاجات لمتلازمة كروموسوم إكس الهش؟

هناك مجموعة من  العلاجات السلوكية المتاحة التي قد تحسن قدرات اللغة و التخاطب لدى الأشخاص الذين يعانون من متلازمة كروموسوم إكس الهش. ولكن لا يوجد أدوية معتمدة لعلاج المتلازمة حتى الآن. 

يفحص ويختبر الباحثون العديد من الأدوية المرشحة لعلاج المتلازمة، بما في ذلك العديد من الأدوية التي تمنع بروتينًا يسمى “mGluR5”. وقد ثبت أن بعض العلاجات المشرحة، مثل “arbaclofen” و “mavoglurant”، يعيدون إنتاج البروتين،  ويخففون من مشاكل التعلم والذاكرة في الفئران. ولكن لم يكن أي من الأدوية ناجحًا في التجارب السريرية. 

قد يكون ذلك لأن التجارب استخدمت دلائل وعلامات خاطئة عند قياس فعالية الأدوية؛ أو ربما لأن التجارب شملت المراهقين والبالغين، حيث أن أدمغتهم لا تستجيب للتدخلات. يقوم فريق من الباحثين بإختبار دواء يسمى “mavoglurant” لدى الأطفال الصغار واستخدام اختبار تعلم اللغة لقياس فعالية العلاج. حيث أن الباحثين يخططون لإقران الدواء بالتدخل اللغوي المكثف.  

يقوم فريق آخر من الباحثين باختبار دواء يسمى “lovastatin” والذي يستخدم لعلاج ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم؛ وقد أظهر العقار أنه يقلل من النوبات في فئران متلازمة إكس الهش. أيضًا يختبر الباحثون عقارًا يستهدف إنزيم   PDE4D؛ وظهر أنه يحسن من السلوكيات الاجتماعية لدى الفئران.

ما هي الخطوات التالية لهذا المجال؟

الباحثون يعملون على تطوير مقاييس ذات مخرجات جيدة لاستخدامها في التجارب السريرية و أيضاً يعملون لاختبار وفحص الأدوية المرشحة لعلاج المتلازمة. الجهود الأخرى في هذا المجال تهدف إلى توضيح وظائف FMR أو إصلاح الطفرة. على سبيل المثال: في دراسة شهر مارس، استخدم الباحثون أداة لتصحيح الجينات لإزالة كل العلامات الكيميائية من تكرار CGG في الخلايا في شخص لدية متلازمة كروموسوم إكس الهش؛ النتيجة أن العلاج استعاد تعبير FMRP إلى 90% من مستوياته الطبيعية. 

[ratemypost]

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات