نظرية الاتصال في اضطراب طيف التوحد

نظرية الاتصال في اضطراب طيف التوحد

في ظاهر الأمر، فإن “نظرية الاتصال” للتوحد تكون بسيطة حيث تقول النظرية: أنه في أدمغة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد يكون التواصل بين مناطق الدماغ مختلف. ويقصد بالضبط أن التواصل يكون معقد وغير واضح.  

من خلال الاتصال، يقصد الباحثون “التوصيل الوظيفي”  وهو مقياس لدرجة النشاط المتزامن بين مناطق المخ المختلفة و على مدى العقد الماضي، كثير من دراسات التوحد فحصت أنماط الاتصال من خلال تصوير أدمغة المشاركين في الدراسات في وقت الراحة. 

أشارت بعض من هذه الدراسات إلى أن اضطراب طيف التوحد يتميز بعدم الاتصال بين مناطق الدماغ البعيدة و زيادة الاتصال بين المناطق المجاورة، حيث يظهر آخرون اختلافات في الاتصال داخل أجزاء معينة من شبكة الدماغ. إحدى الدراسات، إشارة إلى أنه في الوضع الافتراضي، أو “أحلام اليقظة” يكون التواصل بين أدمغة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد ضعيف.  

من بين هذه النتائج المختلفة، قام الباحثون ببناء الخطوط العريضة لـ “نظرية الاتصال”. كانت نتائج بعض الدراسات تتعارض مع الأنماط المقترحة، والبعض الآخر لا يجد فروقًا بين أدمغة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وأدمغة الأشخاص الطبيعيين. أيضاً عندما تصبح الدراسات أكبر وأكثر تطوراً، سوف يزداد عدد النتائج المتضاربة. 

فيما يلي نوضح هذه النتائج المتضاربة وكيف يعالجها الباحثون. 

لماذا نتائج الاتصال في اضطراب طيف التوحد غير متناسقة؟

أحد الأسباب الرئيسية لوجود النتائج غير المتناسقة هي تنوع اضطراب طيف التوحد، حيث أن كل شخص مصاب بالتوحد يختلف عن الآخر، مع وجود مجموعة فريدة من السلوكيات و الجينات. و لا عجب أن أنماط الاتصال الفردية تختلف أيضًا.

لذلك بدأ الباحثين في البحث عن أنماط الاتصال في مجموعات فرعية من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد. على سبيل المثال: تنتج الطفرات في الجينات المرتبطة بالتوحد (MET) و (CNTNAP2) أنماطًا تختلف عن تلك الموجودة في الأشخاص الذين ليس لديهم هذه الطفرات. أيضاً الاتصال قد يختلف بين الذكور والإناث من ذوي اضطراب طيف التوحد.

و هناك قاعدة البيانات الكبيرة، بما في ذلك (تبادل معلومات تصوير الدماغ في التوحد) (Autism Brain Imaging Data Exchan). قد تساعد الباحثين على تحديد أنماط اتصال متميزة في مجموعات من الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد. حيث بدأ بعض الباحثين في البحث عن مجموعات أصغر، مع التركيز على مناطق من الدماغ على سبيل المثال: منطقة التحكم في اللغة. 

ماهي العوامل الأخرى التي تؤثر على أنماط الاتصال في الدماغ؟ 

العمر، حيث تشير عدة تقارير إلى أن الاتصال يختلف بين الأطفال والبالغين ذوي اضطراب طيف التوحد. على سبيل المثال: قد يكون لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد روابط قوية بشكل غير عادي في العديد من شبكات الدماغ، بينما يميل البالغون ذوي اضطراب طيف التوحد إلى إظهار اتصالات أضعف في بعض شبكات الدماغ نفسها.

إن الكشف على الدماغ في سن البلوغ قد يبين سبب التحول.

و يمكن للباحثين أيضاً اكتساب معلومات من خلال دراسة الأطفال الصغار ذوي اضطراب طيف التوحد قبل تلقي العلاجات. تشير دراسة طُبقت على أطفال ذوي اضطراب طيف التوحد من عمر سنتين إلى ٤ سنوات أثناء نومهم، إلى أن الروابط بين بعض مناطق الدماغ تكون ضعيفة في الأطفال الصغار ذوي اضطراب طيف التوحد. 

البيانات الأكثر قيمة وفائدة هي التي  تأتي من الدراسات التي تتبع  الاتصال  في نفس الأشخاص مع مرور الوقت. تشير إحدى الدراسات القليلة من هذا النوع إلى أن التواصل يزداد بين بعض شبكات الدماغ من مرحلة المراهقة المبكرة إلى المتأخرة لدى الأشخاص الطبيعيين، ولكنه يظل ثابتًا عند الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد. إن الدراسات التي تتبع الأطفال حتى مرحلة المراهقة سوف توفر المزيد من المعلومات. 

هل يمكن لأساليب البحث التأثير على نتائج الاتصال؟

نعم. تخضع نتائج دراسات تصوير الدماغ إلى اختلافات في قوة المغناطيس، والمنهج التجريبي وطرق تحليل البيانات. أيضاً، الاتصال بين بعض مناطق الدماغ تكون بشكل  أقوى، على سبيل المثال: عندما تكون عيون المشاركين مفتوحة مقابل عندما تكون عيونهم مغلقة. أيضاً الأدوية النفسية مثل فلوكستين (بروزاك) (fluoxetine (Prozac، أو ميثيلفينيديت (ريتالين) (methylphenidate (Ritalin جميع هذه العوامل يمكن أن تغير أنماط الاتصال. 

أيضاً، بعض الحركات التي تصدر من الشخص يمكن أن تغير النتائج مثل: حركة الرأس أو التنفس، ولا يزال الباحثون يستكشفون طرقًا لتقليل أو تصحيح هذه العوامل. 

لذا يقول بعض العلماء إن التعدد في استخدام تقنيات التصوير المختلفة بوقت واحد يمكن أن يوفر بيانات ومعلومات أكثر ونتائج موثوقية أكثر. الطريقة الأكثر شيوعًا هي التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. و الطرق الأخرى تشمل تخطيط الدماغ المغناطيس وهو الذي يتتبع التغيرات في المجالات المغناطيسية في الدماغ، وتصوير امتداد الانتشار، الذي يرسم  الروابط الهيكلية.

هل يمكن أن يكون الاتصال بمثابة علامة بيولوجية للتوحد؟ 

هذا غير محتمل. يبحث العلماء عن علامات بيولوجية تشير إلى التوحد بشكل موثوق، ولكن كان من الصعب إظهار اختلافات ثابتة في الاتصال في التوحد. أيضاً، قد تتداخل أنماط الاتصال في التوحد مع حالات أخرى مثل انفصام الشخصية أو الاكتئاب.

يكمن جزء من المشكلة في شك الباحثين حول كيفية تحليل المسح. و غالبًا يتم استخدام طريقة تسمى التعلم الآلي لتصنيف المشاركين على أنهم مصابون بالتوحد استنادًا إلى طريقة الاتصال لديهم، ولكن الأرقام الحسابية المختلفة يمكن أن تنتج نتائج متعارضة. وفي كثيراً من الأحيان فإنه لا يمكن للباحثين تكرار نتائجهم عندما يطبقون طرقهم على مجموعة جديدة من البيانات.

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 0 / 5. عدد المشاركات: 0

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات


 خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض على جميع الخدمات و الدورات

استخدم معرف البطاقة