أدى الوعي المتزايد باضطراب طيف التوحد (ASD) إلى ارتفاع معدل انتشاره بين الأطفال. فيما يختلف الأمر لدى البالغين ، فلا يزال تشخيصهم يمثل تحديًا. حيث لا يدرك العديد من البالغين الذين لم يتم تشخيصهم أن بعض الصفات المختلفة لديهم مرتبطة بالتوحد غير المشخص. حيث يتعلم بعض البالغين المصابين بالتوحد كيفية التعامل مع اختلافاتهم بشكل جيد للغاية ، وتحقيق العديد من الأهداف الرئيسية مثل تكوين علاقات أو تحقيق مسيرة مهنية ناجحة. فيما يقضي البعض الآخر حياتهم في الشعور بأنهم ليسوا في المكان المناسب ويكافحون من أجل النجاح في مجالات معينة.
في هذه المقالة التي تحتوي على أسئلة وأجوبة ، تناقش الدكتورة كاثرين لورد Catherine Lord (حاصلة على درجة الدكتوراه ، وأخصائية علم النفس الإكلينيكي وعضو اللجنة الاستشارية الطبية والعلمية في منظمة Autism Speaks) وتجيب عن ما يجب فعله إذا كنت تشك في إصابتك بالتوحد وأنت شخص بالغ ، وعن اختلافات أعراض التوحد عند البالغين وما يمكن توقعه من عملية التشخيص.
دكتورة لورد Lord هي بروفيسورة في الطب النفسي في كلية ديفيد جيفن للطب النفسي في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. وهي طبيبة نفسية إكلينيكية تمارس نشاطها وتركز على اضطراب طيف التوحد طوال فترة حياتهم. تهدف أبحاثها وعملها الإكلينيكي إلى تحسين طرق تحديد نقاط القوة والصعوبات لدى الأفراد من ذوي التوحد من أجل تحقيق أقصى قدر من الاستقلالية والرفاهية.
لماذا يسعى البالغون للحصول على تشخيص التوحد؟
يسعى البالغون عادة إلى التشخيص لأنهم يريدون فهم أنفسهم. غالبًا ما يشعرون أن الناس لا يفهمونهم ، وفي بعض الأحيان قد يكون لديهم تاريخ مع التنمر أو المضايقة أو سوء الفهم. وقد يكون لديهم وظيفة متطلبة حيث يتم استنزافهم من المطالب الاجتماعية للوظيفة. أو قد يكون لديهم أطفال ويكافحون للتعامل معهم ومع عدم قدرتهم على التنبؤ بتلبية احتياجات الفرد الآخر.
في كثير من الأحيان ، يواجه الأفراد الذين نراهم في عيادتنا صعوبة في أمر ما ولا يمكنهم معرفة السبب تمامًا. حيث يشعرون أن الناس يعطونهم ملاحظات بأنهم لا يفعلون الأمور بشكل صحيح بينما هم يعتقدون أنهم فعلوا ما بوسعهم. على سبيل المثال ، رأينا مؤخرًا أستاذًا يستمر في تلقي ملاحظات من طلابه بأنه فظ أثناء محاضراته ، لكنه لا يستطيع فهم السبب.
كيف يبدو التوحد غير المشخص عند البالغين؟ ما هو اختلافه عن التوحد عند الأطفال؟
عادة ما يكون لدى الأفراد الذين يتم تشخيصهم بالتوحد لأول مرة وهم بالغين نقاط قوة وتحديات. الأطفال الذين نراهم في عيادة التوحد لدينا تتراوح حالتهم من ذكاء عالي إلى تخلف عقلي شديد، ولكن إذا نشأ شخص بالغ دون تشخيص، فمن المحتمل أن يكون سليم من الناحية العقلية ، قد يكون لديهم صعوبات في الأداء التنفيذي ، لكن ليس لديهم ضعف إدراكي كبير.
يميل البالغون غير المشخصين أيضًا إلى أن يكون لديهم سلوكيات تكرارية علنية لكن أقل بكثير من سلوكيات الأطفال ، فهم لا يصفقون بأيديهم أو يدورون أو يفعلون تصرفات قد نراها في طفل يبلغ من العمر 3 سنوات. غالبًا ما تكون المشكلات الحسية التي يواجهونها مختلفة جداً و أكثر دقة.
الفرق الآخر بين التوحد عند الأطفال والبالغين هو اللغة. أحد الأسباب الرئيسية لإحالة الأطفال لتشخيص التوحد هو التأخر بالكلام أو اللغة غير المعتادة. قد يكررون الكلمات أو يرددون مايشاهدون من التلفزيون أو يرتكبون أخطاء نحوية. بينما العديد من البالغين الذين رأيتهم لتشخيصهم بالتوحد لأول مرة لم يفعلوا ذلك – فالتحديات التي يواجهونها عادة ما تكون أكثر دقة. على سبيل المثال ، قد يكون لديهم مفردات قوية جدًا ولكنهم يواجهون صعوبة في كيفية توجيه الحديث لفئات مختلفة من المستمعين ، لذلك قد يعتقد الناس أنهم مغرورون.
كيف تكون عملية التشخيص للبالغين؟
عادة ما نبدأ العملية من خلال مقابلة الشخص البالغ عن بعد والتحدث معه حول ما يريد معرفته ولماذا يريد التقييم. ثم ، في حال كان مرتاحاً يمكننا مقابلته ، نبدأ بالحصول على معلومات من شخص كان يعرفه عندما كان طفلاً وهذا مفيد للغاية لأن التوحد اضطراب في النمو ، لذلك نحن نبحث عن شيء كان موجودًا دائمًا ولكن ربما لم يسبب صعوبة حتى وقت لاحق في الحياة.
بعد ذلك ، نجري تقييمًا لمدة 3 ساعات وجهًا لوجه. مع الأطفال غالبًا ما ننظر إلى التأخر اللغوي والإعاقة العقلية ، أما فيما يتعلق بالبالغين فـ يختلف الحال ، حيث نقوم بقياس بعض المهام المعرفية ورؤية الشخص وهو يعمل ، لأن العديد من المشكلات التي تظهر لدى البالغين المصابين بالتوحد تتعلق بالأداء التنفيذي وإصدار الأحكام. على سبيل المثال ، رأينا مؤخرًا شابًا يبلغ من العمر 30 عامًا يحمل شهادة في الفيزياء. وأجرينا له اختبارًا حيث طلبنا منه تحديد كلمات معينة وكان جيدًا بشكل لا يصدق ، لكنه واجه صعوبة في معرفة متى يتوقف. حيث يبدأ في التعريف ويستمر لمدة 10 دقائق ، دون أن يدرك أن ما نحتاجه حقًا هو جملة واحدة.
بعد ذلك ، نقوم بتقييم باستخدام جدول مراقبة تشخيص التوحد (ADOS). إن ADOS ليس مثاليًا – بالتأكيد ، لأنه قد يخطأ بالتشخيص. فكلما كنت أكثر ذكاءً ، كلما زادت احتمالية خطأ تشخيصك بجدول التقييم سواء كان عمرك 14 أو 40 عامًا. ولكنه يسمح لنا بالقيام بسلسلة من المهام المصممة لإنشاء سياقات يواجه فيها العديد من أفراد ذوي التوحد بعض الصعوبة.
أخيرًا ، نجري مقابلة وظيفية واجتماعية وعاطفية. نطرح أسئلة بسيطة مثل ماهو مكان عملك؟ وكيف حصلت على وظيفتك؟ وما الذي يعجبك فيها؟ ، وما الذي يمثل تحدياً بالنسبة لك؟ وكيف قابلت أصدقائك؟ وما الذي تبحث عنه في صديقك؟ وما إلى ذلك. كما نقوم أيضًا بقياس السلوك التكيفي لقياس مهارات العيش المستقل مثل: هل تقوم بغسيل الملابس؟ هل تذهب إلى البقالة؟ من الذي يعتني بالمهام اليومية في الحياة من أجلك؟ قد نقوم أيضًا بفحص الاكتئاب والقلق واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ، حيث أنها أكثر الحالات المصاحبة للتوحّد شيوعًا.
ترجمة: أ. احلام المسبحي – أخصائية محتوى وترجمة – مركز التميز للتوحد
مراجعة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى – مركز التميز للتوحد