يؤثر اضطراب طيف التوحد على ملايين الأفراد حول العالم، مما يطرح تحديات فريدة وفرصًا للابتكار. في السنوات الأخيرة، ساهمت التطورات السريعة في التكنولوجيا في إعادة تشكيل كيفية تشخيص التوحد وفهمه ودعمه. من أدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى بيئات الواقع الافتراضي التفاعلية، فتحت التكنولوجيا آفاقًا جديدة لتحسين جودة الحياة للأفراد المشخصين بالتوحد وأسرهم. يتناول هذا المقال أكثر التقنيات تقدمًا وتأثيرها في إحداث ثورة في رعاية التوحد.
1. التشخيص المبكر باستخدام الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة Machine learning:
يحدث الذكاء الاصطناعي وخوارزميات تعلم الآلة تحولاً في الكشف المبكر عن التوحد. تحلل هذه الأنظمة أنماط السلوك وتعبيرات الوجه وفروق الصوت و النطق لدى الأطفال، مما يتيح تشخيصًا مبكرًا ودقيقًا. أدوات مثل Cognoa ومنصات الذكاء الاصطناعي القائمة على Autism Diagnostic Observation Schedule (ADOS) تقدم رؤى مستندة إلى البيانات للأطباء، مما يقلل من تأخير التشخيص.
2. الأجهزة القابلة للارتداء لمراقبة السلوك:
تمنح التقنيات القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية وأجهزة الاستشعار الحيوية، الأسر والمعالجين القدرة على مراقبة الحالة الفسيولوجية والعاطفية في الوقت الفعلي. يمكن لهذه الأجهزة تتبع مستويات التوتر ومعدلات ضربات القلب وأنماط الحركة، مما يوفر رؤى عملية حول التجارب الحسية والعاطفية للطفل. على سبيل المثال، تتيح أجهزة مثل ساعة Embrace من Empatica تنبيهات بشأن حالات القلق أو النوبات المحتملة.
3. الواقع الافتراضي (VR) لتدريب المهارات الاجتماعية:
تظهر منصات الواقع الافتراضي كأدوات قوية للتدريب على المهارات الاجتماعية والسلوكية. تتيح هذه البيئات التفاعلية للأفراد ذوي التوحد ممارسة التفاعلات الاجتماعية وتحسين مهارات التواصل وتعلم استراتيجيات التعامل مع مواقف الحياة الواقعية. تقود شركات مثل Floreo هذا المجال ببرامج مصممة خصيصًا للأفراد من ذوي التوحد.
4. أجهزة التواصل المعززة والبديلة (AAC):
بالنسبة للأفراد غير الناطقين أو الذين يعانون من محدودية في الكلام، تُعد أجهزة التواصل المعززة والبديلة تغيرًا جذريًا حيث تمكّن الأجهزة المتقدمة التي تولد الكلام والتطبيقات مثل Proloquo2Go وTouchChat المستخدمين من التعبير عن أنفسهم بشكل أكثر فعالية. عززت تقنية تتبع العين والذكاء الاصطناعي هذه الأدوات، مما جعلها أكثر سهولة وابتكارًا.
5. الروبوتات في العلاج والتعليم:
تم تصميم الروبوتات الاجتماعية مثل NAO وKaspar وMoxie للتفاعل مع الأفراد من ذوي التوحد وتعزيز التنمية الاجتماعية والعاطفية. تستخدم هذه الروبوتات أنشطة ممتعة وجذابة لتعليم التواصل والتعاطف ومهارات حل المشكلات. بفضل تفاعلها المستمر وغير الحُكمِي، فإنها فعالة بشكل خاص في بناء الثقة والمشاركة.
6. التطبيقات لدعم الأسر ومقدمي الرعاية:
تقدم التطبيقات الموجهة للأسر ومقدمي الرعاية لأطفال التوحد موارد قيمة، بما في ذلك التدريب والدعم المجتمعي. توفر تطبيقات مثل Autism Navigator وأخرى موجهة للأطفال ذوي التوحد مقاطع فيديو تعليمية وأدوات لتتبع السلوك واتصال بالخدمات المحلية، مما يساعد مقدمي الرعاية على دعم أطفالهم بشكل أفضل.
يمكن أن يؤدي دمج التكنولوجيا المتقدمة في رعاية التوحد إلى تحسين حياة الأفراد المشخصين بالتوحد و أسرهم بشكل كبير. بدءًا من أدوات الكشف المبكر التي توفر تدخلات في الوقت المناسب إلى وسائل التواصل المبتكرة والعلاجات الفردية، تساعد هذه التقنيات في سد الفجوات الحرجة في الرعاية والفهم. ومع ذلك، فإن ضمان الوصول العادل ومعالجة المخاوف الأخلاقية سيكونان أساسيين لتعظيم فوائد هذه الابتكارات. من خلال تبني هذه التطورات بمسؤولية، يمكن للمجتمع إنشاء بيئة أكثر شمولاً ودعمًا للأفراد المشخصين بالتوحد، مما يمكنهم من الازدهار وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
المصادر:
Weir, K. (2024, April). Scientist helps autistic people with wearable sensors. APA Monitor. https://www.apa.org/monitor/2024/04/scientist-helps-autistic-people-wearable-sensors
Apex Social. (2024). Autism tech breakthroughs of 2024. Apex Social. https://apex-social.com/autism-tech-breakthroughs-2024/
Richardson, B. (2024, May). Using science to address health disparities. NIH Environmental Factor. https://factor.niehs.nih.gov/2024/5/science-highlights/arora
Neurolaunch. (2024, August). AI and autism: A breakthrough in treatment. Neurolaunch. https://neurolaunch.com/ai-autism/
Floreo. (2024, November 19). Floreo acquires Autism Eye. Floreo. https://floreovr.com/company/news/floreo-acquires-autism-eye
إعداد: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد
