الحاجة إلى استراتيجيات أفضل لدعم الأشخاص ذوي التوحد خلال كورونا

الحاجة إلى استراتيجيات أفضل لدعم الأشخاص ذوي التوحد خلال كورونا

يعاني المصابون بالتوحد من  تغيرات هائلة خلال الأشهر الست الماضية؛ لقد تسببت جائحة كوفيد 19 في إحداث تغيير  في حياتنا بأكملها، ولكنها أثرت بشكل خاص على الأشخاص المصابين بالتوحد الذين غالباً يكونون غير مستعدين للتغيير السريع وغير المتوقع والذين قد يعانون من الخوف من المستقبل. لقد أدى الوباء أيضاً إلى إغلاق المراكز والمدارس التي تقدم الخدمات والدعم  للأشخاص ذوي التوحد.

مع انتشار فيروس كورونا في أول هذا العام، سعى فريقي المكون من باحثين مصابين بالتوحد وغير المصابين إلى اكتشاف كيف كانت هذه اللحظات بالنسبة للأشخاص ذوي التوحد وعائلاتهم. بدأنا الحديث معهم ومع الأشخاص الذين يعملون ويدعمون التوحد، حول الإغلاق الكامل بسبب فيروس كورونا الذي كان في شهر مارس وقد أعلنا عن النتائج قبل أسبوعين. 

وجدنا أن بعض الأشخاص كانوا إيجابيين بشكل كبير. سلطت هذه الأصوات المتفائلة الضوء على الجهود الهائلة التي شهدتها من جانب البرامج المختلفة لضمان المرونة والابتكار خلال الأزمة على سبيل المثال، -في المدارس وأنظمة الرعاية الصحية وبرامج الرعاية الاجتماعية. حتى أن البعض اقترح أن هذه التغييرات كانت تزيد من شمولية الأشخاص ذوي التوحد وأسرهم. مثلاً، أدى تقديم الخدمات عن بعد- أو “تغيير دور العيادة” كما أطلق عليها بعض الزملاء في سيدني إلى تسهيل الوصول إليها.

كانت هناك أيضاً بعض الاقتراحات بأن الأشخاص ذوي التوحد أكثر مهارة في التعامل مع العزلة من الأشخاص غير المصابين بالتوحد: أخبرنا أحد المشاركين “نحن نعزل أنفسنا بإرادتنا …… إننا نفعل ذلك طوال حياتنا … الأشخاص المصابون بالتوحد جاهزون”.

بعد مقابلات طويلة مع 35 شاباً من ذوي التوحد و 80 أب لأطفال ذوي  توحد (35 من هؤلاء الآباء كانوا مصابين بالتوحد) و 16 شخص أصغر بالعمر من ذوي التوحد  حول تجاربهم أثناء الجائحة، ومع الأسف الشديد، وجدنا أن الرسالة العامة لم تكن إيجابية على الإطلاق، سمعنا مرارًا وتكرارًا أن الدعم كان سيئ للعديد من الأشخاص ذوي التوحد أثناء الأزمة.

ذكر المشاركون كم هو مرهق أن يروا روتينهم اليومي “مختلف تماماً” وكانوا منزعجين بشدة من عدم الطمأنينة، و أخبرنا الأشخاص الشباب والصغار بالعمر من ذوي التوحد أنهم افتقدوا رؤية أصدقائهم.

هذه النتائج مدهشة لأنها تتعارض مع الآراء التقليدية للأشخاص المصابين بالتوحد، حيث أن الأشخاص المصابين بالتوحد لا يريدون أصدقاء، ولديهم دوافع اجتماعية  قليلة ويفضلون حياة العزلة؛ تظهر دراستنا أن هذا ليس الواقع.

تُظهر النتائج التي توصلنا إليها أيضاً مدى أهمية تطوير الخطط الاستراتيجية التي تستهدف دعم المصابين بالتوحد مع استمرار أزمة فيروس كورونا. ويجب أن يشارك المصابون بالتوحد أنفسهم في تطويرها وتقديمها.

التواصل الشخصي (وجهاً  لوجه)

تحدث العديد من المشاركين عن افتقادهم المقابلات المباشرة وجها لوجه مع الآخرين. وأن تطبيقات وبرامج  التواصل مثل الزوم والفيس تايم وديسكورد لا تكفي، أحد المشاركين يقول: ” أصدقائي،  أريد أن أرى  أصدقائي، أريد حقا رؤيتهم شخصياً”.

أظهر بعض الأطفال أنهم يفتقدون أصدقائهم بطرق أخرى، أخبرنا أحد الوالدين: “ليس لدى ابني أي نوع من التواصل حتى يخبرنا أنه يفتقدهم” لكن في بعض الأحيان يتحدث عن أصدقائه وهو يلعب مع التماثيل الصغيرة؛ أطلق على التمثال الصغير اسم أحد أصدقائه في المدرسة، لذلك قد يشير هذا إلى أنهم في ذهنه”.

وصف المشاركون أيضاً عدم وجود تفاعلات اجتماعية كبيرة واسعة النطاق، إنهم يفتقدون المحادثات مع زملائهم في العمل والجيران وأصحاب المحلات والمجتمع العام.

على حد تعبير  إحدى النساء “لم أدرك مدى أهمية الاتصال البشري حتى افتقدته ” 

يبدو أن عدم القدرة على الاتصال المباشر مع الآخرين له تأثير ضار على الصحة النفسية للأشخاص، كان بعض الشباب ذوي التوحد مكتئبين بشكل واضح خلال المقابلات، وتوقف العديد من الأشخاص عن تلقي الخدمات العلاجية أثناء الحجر؛ مما أدى إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية. حيث  أبلغوا عن عدم رغبتهم في التحدث إلى الطبيب العام أو الطبيب النفسي عبر الهاتف أو من خلال تطبيق زوم.

كما وصف شاب من ذوي التوحد: “لقد أوقفت جميع مواعيد الطبيب النفسي، كانت المكالمة سيئة … لأنه إذا كنت عبر الإنترنت لموعد طبي من أي نوع، فأنا أخاف من ذلك؛ والخوف يكون أسوأ من عدم حضور الموعد”.

بالنسبة لهذا الشاب وعدد قليل من الآخرين، كان لعدم استمرارية الرعاية عواقب وخيمة، لقد رأوا انخفاضًا سريعًا في صحتهم النفسية وتم إدخالهم إلى المستشفى لتلقي رعاية نفسية بعد محاولة الانتحار أو الإصابة بأزمة نفسية شديدة.

استمرارية الرعاية

في ضوء هذه النتائج، تحتاج الحكومات ومنظمات الرعاية الصحية إلى عدم إغلاق  فرص التواصل وجهًا لوجه -والذي يكون مهمًا لجودة حياة الأشخاص المصابين بالتوحد- دون وضع بدائل مناسبة أثناء الجائحة.

كشفت دراستنا أن خيارات الرعاية الصحية والتعلم عن بعد لم تكن جيدة بما يكفي حتى الآن وتحتاج إلى التحسين بشكل كبير وذلك لأن استمرار الرعاية مهم بشكل كبير للأشخاص ذوي التوحد وأسرهم.

يجب أن تساعد الاستراتيجية التي تتبناها الحكومات ومقدمو الرعاية الصحية الأشخاص المصابين بالتوحد وغيرهم في الحفاظ على علاقاتهم الاجتماعية بل وتعميقها خلال فترة الأزمة، نحن نعلم مدى تأثير الوحدة والعزلة على الصحة النفسية, يظهر بحثنا أن التأثير نفسه ينطبق على المصابين بالتوحد

حان الوقت الآن لتطوير مثل هذه الاستراتيجية، إن عواقب عدم القيام بذلك خطيرة للغاية و لا يمكن تجاهلها.

[ratemypost]

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات


 خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض على جميع الخدمات و الدورات

استخدم معرف البطاقة