تحت مظلة المجلس الصحي السعودي، انطلقت مبادرة رائدة من المركز الوطني لاضطرابات النمو الشامل، تهدف إلى تقديم دليل إرشادي للممارسات السريرية المبنية على البراهين لتدبير الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. تعاون فريق اللجنة العلمية، الذي يضم نخبة من الخبراء في مجالات متعددة: الطب النفسي، طب الأطفال، التربية الخاصة، علاج اللغة والتخاطب، العلاج الوظيفي، العلاج الطبيعي، الصيدلة السريرية، علم الوراثة الطبية، وأمراض الأعصاب لدى الأطفال. ولم تغفل هذه اللجنة عن إشراك ممثل من الأسر لضمان تلبية احتياجات المجتمع بشمولية وإنسانية.
وفي إطار هذا العمل الدؤوب، تم إطلاق الدليل الإرشادي للممارسات السريرية المبنية على البراهين عام 2023. يُعد هذا الدليل خطوة محورية تهدف إلى تمكين الممارسين الصحيين من تقديم أفضل دعم ممكن للأطفال وأسرهم.
خلال محاضرة وورشة عمل ألقاها الدكتور شليويح العنزي (أ. مشارك واستشاري الطب النفس للأطفال والمراهقين في كلية الطب والمدينة الطبية الجامعية بجامعة الملك سعود)، تم تسليط الضوء على أبرز معالم هذا الدليل الرائد. دعونا نستعرض معًا أهم النقاط التي قدمها هذا الإنجاز المميز.
الحاجة الملحّة لدليل وطني شامل: خطوة نحو التغيير:
- آلية التشخيص معقدة وتتم بتسلسل منهجي.
- التشخيص يعتمد على جهود فريق متعدد التخصصات.
- التدخل يتم عبر فريق متعدد التخصصات.
- يشمل الفريق تخصصات طبية وتربوية متنوعة.
- العملية تتضمن مراحل: المسح، ثم الإحالة للتشخيص، ثم التدخلات العلاجية.
- لا يوجد جهة تنظم التداخل بين التخصصات المختلفة.
- رغم وجود أدلة عالمية، إلا أنه لا يوجد دليل سعودي مخصص
نطاق عمل الدليل: دعم شامل من أجل مستقبل أفضل:
يهدف هذا الدليل إلى تمكين وتوجيه الممارسين الصحيين الذين يعملون مع الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد، حيث يجمع بين مختلف التخصصات لضمان تقديم رعاية شاملة ومتكاملة. يشمل نطاق العمل: الأطباء, الأطباء النفسيون, أطباء الأطفال (نمو وسلوك, أعصاب), علم الوراثة الطبية, الطب الطبيعي, إعادة التأهيل, أخصائيو الصحة العقلية, الصيادلة الإكلينيكيين, الممرضات, علاج النطق, التربية الخاصة, العلاج الوظيفي, ممثل المريض (الأسرة).
أمثلة على التوصيات:
التوصيات الخاصة بالمسح المبدئي:
التعرف المبكر والتشخيص:
- يجب تحقيق التدخل المبكر من خلال: مراقبة النمو الشامل لجميع الأطفال للكشف عن الانحرافات عن النمو الطبيعي في وقت مبكر, و تقدير ومعالجة مخاوف الوالدين بشأن نمو أطفالهم,الإحالة إلى خدمات التشخيص عند تأكيد خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد باستخدام أدوات الفحص المبكر, و ضمان جمع البيانات ومراجعة مسار التحويل.
- يجب أن يتضمن التقييم السريري مستوى عالٍ من اليقظة للميزات التي تشير إلى التوحد في مجالات التفاعل الاجتماعي، واللعب، والكلام، وصعوبات اللغة والتواصل، والسلوك.
- يجب أن يشمل تقييم الأطفال والشباب الذين يعانون من تأخر في النمو، ومشاكل عاطفية وسلوكية، واضطرابات نفسية، وضعف في الصحة العقلية، أو متلازمات وراثية، مراقبة التوحد كجزء من الممارسات الروتينية.
- يمكن استخدام الأدوات لجمع المعلومات، ولكن لا ينبغي استخدامها لإجراء تشخيص أو استبعاد إحالة لتقييم اضطراب طيف التوحد.
- يجب على المتخصصين في الرعاية الصحية التفكير في إبلاغ الأسر بأن هناك خطراً كبيراً متزايداً للإصابة باضطراب طيف التوحد في أشقاء الأطفال المصابين.
- من الجدير بالذكر (المستحسن) أن التواصل الجيد بالعين، والابتسام، وإظهار المودة لأفراد الأسرة لا ينبغي أن يستبعد تشخيص التوحد.
التوصيات الخاصة بالتقييم المبدئي والإحالة للتشخيص:
أدوات التقييم والتقييم النفسي:
- يجب أن تكون على علم بأن أدوات تحديد الأطفال والشباب الذين لديهم احتمالية متزايدة للإصابة بالتوحد قد تكون مفيدة في جمع المعلومات حول علامات وأعراض التوحد بطريقة منظمة. ومع ذلك، فهي ليست ضرورية ولا يجب استخدامها لإجراء أو استبعاد تشخيص التوحد. يجب أيضًا أن تكون على علم بما يلي: قد تدعم النتيجة الإيجابية للأدوات في تحديد الاحتمالية المتزايدة للتوحد قرار الإحالة، لكنها قد تشير أيضًا إلى أسباب أخرى غير التوحد. كذلك النتيجة السلبية لا تستبعد التوحد.
- عند إحالة الأطفال والشباب إلى فريق التوحد، يجب أن يتضمن خطاب الإحالة المعلومات التالية: المعلومات المبلغ عنها من الوالدين، مقدمي الرعاية، والمختصين حول العلامات و/أو الأعراض المثيرة للقلق, و ملاحظاتك الخاصة حول العلامات و/أو الأعراض, و معالم التطور في التاريخ قبل الولادة والفترة المحيطة بالولادة, و العوامل المرتبطة بزيادة انتشار التوحد عند المريض، مثل التاريخ الطبي والتحقيقات ذات الصلة, و معلومات من التقييمات السابقة.
- يجب شرح للوالدين ومقدمي الرعاية، وإذا كان مناسبًا، للطفل أو الشاب، ماذا سيحدث عند الإحالة إلى فريق التوحد أو خدمة أخرى.
التوصيات الخاصة بالتقييم التشخيصي:
استخدام تقييم الفريق متعدد التخصصات لاضطراب طيف التوحد:
- يجب أن يتمتع الفريق متعدد التخصصات لاضطراب طيف التوحد بالمهارات والكفاءات اللازمة من أجل: إجراء تقييم تشخيصي للتوحد, و التواصل مع الأطفال والشباب المصابين بالتوحد، ومع والديهم ومقدمي الرعاية لهم، ومشاركة التشخيص معهم بحساسية.
- يجب على أعضاء الفريق متعدد التخصصات: تقديم المشورة للمختصين حول ما إذا كان يجب إحالة الأطفال والشباب لإجراء تقييمات تشخيصية للتوحد, و اتخاذ قرار بشأن احتياجات التقييم لأولئك الذين تمت إحالتهم أو متى سيكون هناك حاجة للإحالة إلى خدمات أخرى, و إجراء التقييم التشخيصي للتوحد, و مشاركة نتائج التقييم التشخيصي للتوحد مع الوالدين ومقدمي الرعاية، ومع الأطفال والشباب إذا كان ذلك مناسبًا, و بموافقة الوالدين أو مقدم الرعاية، وإذا كان ذلك مناسبًا، وموافقة الطفل أو الشاب، قم بمشاركة المعلومات من التقييم التشخيصي للتوحد مباشرة مع الخدمات ذات الصلة، على سبيل المثال من خلال زيارة المدرسة من قبل أحد أعضاء فريق التوحد, و تقديم معلومات للأطفال والشباب والوالدين ومقدمي الرعاية حول الخدمات والدعم المناسبين.
التوصيات الخاصة بالتأكد من التشخيص:
التأكد من تشخيص اضطراب طيف التوحد:
- كن على علم بأنه في بعض الأطفال والشباب قد يكون هناك عدم يقين بشأن تشخيص التوحد، خاصة في الحالات التالية: الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 24 شهراً و الأطفال الذين تقل أعمارهم العقلية عن 18 شهراً.
- الأطفال أو الشباب الذين توجد لديهم نواقص في المعلومات المتاحة عن طفولتهم المبكرة.
- كن على علم بأن بعض الأطفال والشباب يظهرون سلوكيات قد تكون مشابهة لتلك الموجودة في التوحد، ولكنها لا تصل إلى معايير التشخيص في DSM-5 أو ICD-10-AM للتشخيص النهائي.
- قم بإجراء تشخيص التوحد إذا كان هناك تراجع في اللغة أو المهارات الاجتماعية لدى طفل يقل عمره عن 3 سنوات.
- إذا كان هناك عدم يقين بعد التقييم التشخيصي للتوحد بشأن التشخيص، فكر في إبقاء الطفل أو الشاب قيد المراجعة مع أخذ خدمات، مع مراعاة أي معلومات جديدة قد تظهر.
التوصيات الخاصة بالتدخلات:
التدخلات النفسية والاجتماعية:
- يجب أن تشمل التدخلات النفسية والاجتماعية للسلوك ما يلي: السلوك المستهدف المحدد بوضوح, التركيز على النتائج التي ترتبط بجودة الحياة, تقييم وتعديل العوامل البيئية التي قد تساهم في بدء السلوك أو المحافظة عليه, استراتيجية تدخل محددة بوضوح تأخذ في الاعتبار المستوى النمائي والمشاكل المتعايشة للطفل أو الشاب, جدول زمني محدد لتحقيق أهداف التدخل (لتعزيز تعديل استراتيجيات التدخل التي لا تؤدي إلى التغيير في غضون فترة زمنية محددة), مقياس منهجي للسلوك المستهدف يتم اتخاذه قبل التدخل وبعده للتأكد من تحقيق النتائج المتفق عليها, تطبيق متسق في جميع مجالات بيئة الطفل أو الشاب (على سبيل المثال، في المنزل والمدرسة), اتفاق بين الوالدين ومقدمي الرعاية والمختصين في جميع الأماكن حول كيفية تنفيذ التدخل.
التدخلات النمائية:
يجب مراعاة الوصول إلى الدعم من الأخصائيين المدربين على التقنيات القائمة على تحليل السلوك التطبيقي (مثل نظام التواصل بتبادل الصور، التدريب بالمحاولات المنفصلة، تحليل المهام، التحفيز، التلاشي أو التشكيل) لبناء الاستقلال في المهارات التكيفية، التواصلية، والاجتماعية للأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد.
في الختام، يُعد هذا الدليل الإرشادي الذي أطلقه المركز الوطني لاضطرابات النمو الشامل، خطوة بارزة نحو تحسين الرعاية الصحية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. من خلال التوصيات المستندة إلى براهين علمية، يتمكن الممارسون الصحيون من اتخاذ قرارات أكثر دقة وتوجيهًا لمساعدة هؤلاء الأطفال في مسيرتهم نحو حياة أكثر تكاملًا. إن التعاون بين مختلف التخصصات، والتوجيهات المنهجية التي يقدمها الدليل، تساهم بشكل كبير في تحقيق نتائج إيجابية تسهم في تحسين نوعية حياة الأطفال وأسرهم.
للاطلاع على الدليل، يرجى زيارة الرابط (هنا)
المصادر:
. YouTube. https://www.youtube.com/watch?v=EF-kFo8Ii3c. الدليل السعودي الوطني لتشخيص وعلاج اضطراب طيف التوحد Shliwih, S. (2023, April 7 )
إعداد: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد
