العلاقة بين مضادات الاكتئاب واضطراب طيف التوحد

العلاقة بين مضادات الاكتئاب واضطراب طيف التوحد

الأدوية المضادة للاكتئاب هي من بين الأشياء التي يُفترض أن تتجنبها المرأة عند الحمل، وخاصةً أنواع الأدوية التي أثبتت الدراسات أن لها علاقة في زيادة خطر التوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولكن الأدلة التي تربط الأدوية المضادة للاكتئاب واضطراب طيف التوحد ضعيفة. ولكن الاكتئاب غير المعالج يشكل خطورة على الأم وطفلها. 

فيما يلي نوضح ما توصل إليه العلماء عن العلاقة بين مضادات الاكتئاب واضطراب طيف التوحد.

هل تناول الأدوية المضادة للاكتئاب أثناء الحمل يزيد من احتمالات إصابة طفلك باضطراب طيف التوحد؟

ربما، ولكن نسبة الخطر ضعيفة. نظرت عدة دراسات في السجلات الطبية لآلاف من  النساء، حيث كانت تبحث عن معدلات الزيادة في التوحد بين الأطفال الذين تناولوا مضادات الاكتئاب أثناء الحمل. بعض من هذه الدراسات وجدت أن الاحتمالية مضاعفة لدى النساء اللاتي لديهن طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد، ومع ذلك، نظرًا لأن خطر الإصابة بالتوحد ضعيفة، فإن هذه الزيادة لا تزال منخفضة. 

والأهم من ذلك أن النساء الحوامل اللاتي يتناولن الأدوية المضادة للاكتئاب، قد يكون لديهن عوامل أخرى هي المسؤولة عن الزيادة في معدلات الإصابة بالتوحد لدى أطفالهن، استنتجت العديد من الدراسات التي تحكمت بالعوامل الأخرى لدى النساء الحوامل أنه لا يوجد خطر من مضادات الاكتئاب. 

ما هي العوامل الأخرى المسؤولة عن الزيادة في معدلات الإصابة بالتوحد؟ 

يرتبط تاريخ الاكتئاب أو الحالات النفسية الأخرى لدى المرأة بزيادة خطر إصابة  أطفالها بالتوحد. والنساء المصابات بالاكتئاب الحاد هم أكثر عرضة للاستمرار في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب أثناء الحمل مقارنة بالنساء المصابات بالاكتئاب من الدرجة المتوسطة، أيضا قد يسبب الاكتئاب الحاد التوتر عند الأمهات وبالتالي يؤثر على نمو الجنين. 

هناك دراستان نشرت العام الماضي، نظرت إلى مجموعة بيانات عن النساء الاتي تناولن مضادات الاكتئاب أثناء فترة حمل واحدة ولم يتناولن مضادات الاكتئاب في فترات الحمل الأخرى. في كل من الدراستين، تبين أن الأشقاء الذين تعرضوا لمضادات الاكتئاب في الرحم  والأشقاء الذين لم يتعرضوا يصبح لديهم نفس خطر الإصابة بالتوحد. تشير هذه النتائج إلى أنه عندما نتحكم في العوامل الوراثية أو البيئية عند المرأة الحامل، فإن الأدوية المضادة للاكتئاب لا تزيد من خطر إصابة أطفالها بالتوحد. 

أيضاً نظرت دراستان إلى النساء اللاتي يعانين من أمراض نفسية، فبعض منهن استمر في تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل والبعض الآخر توقف. أظهرت إحدى الدراسات أنه لا يوجد خطر متعلق بمضادات الاكتئاب، عندما قارن الباحثون النساء اللواتي استمرَن بتناول الأدوية المضادة للاكتئاب و اللواتي لم يتناولن تلك الأدوية. و وجدت الدراسة الأخرى أنه في كل ١٠٠ طفل مصاب بالتوحد، فإن طفلين فقط قد تكون إصابتهم بالتوحد بسبب تناول الأم  لمضادات الاكتئاب أثناء الحمل. 

وقد ثبت أن (عمر المرأة، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، ومستوى التعليم، ومكان السكن على سبيل المثال: المدينة أو القرية) كلها تؤثر على معدلات إصابة  الأطفال باضطراب طيف التوحد. على سبيل المثال: في إحدى الدراسات التي أظهرت مضاعفة الاحتمالات عند استخدام مضادات الاكتئاب، أنه عندما كان الباحثون يتحكمون في ٥٠٠ عامل (بما في ذلك العوامل المذكورة أعلاه) اختفى الارتباط  بين استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب والتوحد.  

النساء المصابات بحالة مرضية يكون عندهم الدافع للبحث عن تشخيص التوحد لطفلهم، هذا العامل قد يكون غير مقلق في الدراسات التي تحلل البيانات من البلدان التي لديها رعاية صحية شاملة.

ما الذي يجب أن نركز عليه في الدراسات التي تربط مضادات الاكتئاب بالتوحد؟

تستند أقوى الدراسات إلى بيانات من البلدان التي لديها رعاية صحية شاملة و تحتفظ بقاعدة بيانات شاملة عن المواليد والسجلات الطبية، وتسمح قواعد البيانات للباحثين بالبحث عن الاتجاهات عبر مئات الآلاف من الأشخاص. فهي لا تتبع فقط العلاقة بين استخدام مضادات الاكتئاب وتشخيص التوحد ولكن تتبع عدد لا يحصى من العوامل الأخرى التي قد تؤثر على خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد. 

بشكل عام، من المهم التحقق من عدد النساء اللواتي شملتهن الدراسة، وعدد الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. فإنه إذا اشتملت الدراسة على عدد قليل جدًا من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، فلن تكون نتائجها ذات أهمية. 

يجب على جميع الدراسات أن تراقب الفروق بين النساء اللواتي يتناولن مضادات الاكتئاب أثناء الحمل و اللواتي لم يتناولن. وأفضل الدراسات يتم تصميمها لتحديد العوامل التي قد تؤثر على التحليل، مثل العوامل المذكورة أعلاه. 

بعض الدراسات تبحث في العلاقة بين استخدام مضادات الاكتئاب لدى الرجال والتوحد عند أطفالهم. هذه البيانات تعطي فهم دقيق في العلاقة الوراثية بين الاكتئاب والتوحد، لأن الأب عندما  يستخدم الدواء المضاد للاكتئاب، فإن الدواء لا يمكن أن يؤثر على طفله مباشرة. 

ما هو نوع الدراسة التي يمكن أن تثبت أن مضادات الإكتئاب مرتبطة بالتوحد؟ 

إن الدراسات القائمة على الملاحظة قد لا تتمكن من تقديم نتائج نهائية وحاسمة.

بالإضافة إلى العوامل المذكورة أعلاه، فإن هذه الدراسات تجمع معلومات حول أنواع الأدوية المستخدمة من مضادات الاكتئاب و جرعاتها، وقد تعتمد هذه المعلومات على تقارير ذاتية من الشخص نفسه قد لا يوثق بصحتها. 

الطريقة الوحيدة لإثبات وجود ارتباط بين مضادات الاكتئاب والتوحد هي تصميم دراسة حيث تتناول فيها مجموعة من النساء أدوية مضادة للاكتئاب و المجموعة الأخرى أدوية (وهمية) لا يوجد فيها أي مادة فعالة، ولكن هذه الدراسة ستكون غير أخلاقية لأنها تنطوي على حرمان مجموعة من النساء اللواتي هن بحاجة إلى هذه الأدوية. الدراسات على الحيوانات يمكن أن توفر نتائج ولكن من الصعب توثيق سلوكيات التوحد في الحيوان.  

الخلاصة، هل يجب على النساء التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل؟

يجب على المرأة التي لديها مخاوف وتساؤلات حول هذا الموضوع أن تقوم باستشارة الطبيب. يعتبر خطر الإصابة بالتوحد من تناول مضادات الاكتئاب ضعيف، هذا إذا كان موجودًا فعلاً. والاكتئاب الشديد أثناء الحمل أو بعده يمكن أن يكون ضارًا لكل من الأم والطفل. ولكن تحليل المخاطر و الفوائد من هذه الأدوية  يختلف من امرأة إلى أخرى. 

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 5 / 5. عدد المشاركات: 2

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات


 خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض على جميع الخدمات و الدورات

استخدم معرف البطاقة