الوجه الآخر للتوحد: الاضطرابات المصاحبة التي لا يجب تجاهلها 

الوجه الآخر للتوحد: الاضطرابات المصاحبة التي لا يجب تجاهلها 

عندما نتحدث عن اضطراب طيف التوحد، فإننا لا نتحدث عن حالة واحدة معزولة، بل عن طيف واسع من التحديات والسمات المتنوعة التي تتداخل مع مجموعة من الاضطرابات الأخرى، تُعرف بـ”الاضطرابات المصاحبة”. هذه الاضطرابات ليست مجرد حالات إضافية تظهر إلى جانب التوحد، بل يمكن أن تؤثر بشكل كبير على كيفية تشخيص التوحد والتعامل معه، بل وحتى على جودة حياة الأفراد المصابين. 

يتفق الخبراء على أن فهم هذه الاضطرابات المصاحبة—سواء كانت طبية، نمائية، نفسية، أو وراثية—هو أمر أساسي للوصول إلى رعاية شاملة ومبنية على أسس علمية دقيقة. فالتداخل في الأعراض قد يؤدي إلى تأخر التشخيص أو تشخيص غير دقيق، مما يزيد من تعقيد رحلة العلاج والدعم. 

في هذه المقالة، نستعرض أبرز أنواع الاضطرابات المصاحبة لاضطراب طيف التوحد، مدى شيوعها، والتحديات المرتبطة بتشخيصها، بالإضافة إلى ما تكشفه هذه الاضطرابات عن البعد البيولوجي للتوحد، وأهمية دراستها لتحسين التدخلات وتطوير استجابات صحية أكثر فاعلية وشمولاً. 

تنقسم الاضطرابات المصاحبة إلى أربع مجموعات رئيسية: 

  • المشاكل الطبية: مثل الصرع، واضطرابات الجهاز الهضمي، واضطرابات النوم. 
  • الاضطرابات النمائية: كالإعاقة العقلية والتأخر اللغوي. 
  • الاضطرابات النفسية: مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، واضطراب الوسواس القهري، والاكتئاب. 
  • الاضطرابات الوراثية: مثل متلازمة كروموسوم إكس الهش والتصلب الحدبي المعقد. 

تختلف نسبة انتشار هذه الاضطرابات بشكل كبير؛ فمثلاً يعاني ما بين 11% إلى 84% من أطفال التوحد من القلق، بينما تتراوح مشاكل النوم بين 44% إلى 86%. وتتأثر هذه النسب بعوامل مثل العمر والجنس والعرق ومعدل الذكاء، إضافة إلى معايير التشخيص المستخدمة. 

تحديات في التشخيص: 

غالبًا ما تكون أدوات التشخيص التقليدية غير كافية للكشف الدقيق عن الاضطرابات المصاحبة لدى الأشخاص ذوي التوحد، لذلك يجري تطوير مقاييس خاصة تناسب هذه الفئة، مثل استبيانات مخصصة لفحص الاكتئاب لديهم. كما قد تعيق بعض الإعاقات، مثل التأخر اللغوي أو العقلي، إمكانية تشخيص التوحد بشكل دقيق. 

أهمية دراسة الاضطرابات المصاحبة: 

يؤكد الباحثون على أن فهم الاضطرابات المصاحبة مهم لتحسين جودة حياة الأشخاص ذوي التوحد. فمثلاً، الكشف المبكر عن هذه الاضطرابات عبر تحديد الجينات المرتبطة بها قد يفتح الباب أمام علاجات أكثر فاعلية. ويقول بول ليبكين، مدير شبكة التوحد التفاعلية: “نحتاج إلى فهم جذور اضطرابات المزاج والاكتئاب، بالإضافة إلى الاندفاع، لتطوير علاجات طبية أفضل”. 

علاج الاضطرابات المصاحبة يمكن أن يخفف من أعراض التوحد ويُحسن من سلوكيات الأطفال، مثل علاج نوبات التصلب الحدبي المعقد الذي يساهم في تقليل المشاكل الإدراكية والسلوكية. كذلك، فإن تحسين جودة النوم أو معالجة مشاكل الجهاز الهضمي له تأثير إيجابي على المزاج والسلوكيات النمطية. 

البعد البيولوجي للاضطرابات المصاحبة: 

تشير الدراسات الحديثة إلى وجود تداخل بيولوجي وجيني بين التوحد واضطرابات أخرى مثل انفصام الشخصية والاضطراب ثنائي القطب، حيث تشترك هذه الحالات في أنماط تعبير جيني وسلوكيات وراثية مشابهة. كما أن الصرع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوحد، إذ يعاني من الصرع واحد من كل ثلاثة أشخاص من ذوي التوحد، والأشخاص المصابون بالصرع معرضون لخطر الإصابة بالتوحد أكثر من غيرهم. 

في الختام الاضطرابات المصاحبة للتوحد ليست حالات منفصلة فقط، بل هي جزء معقد ومتداخل مع حالة التوحد نفسها، يؤثر في التشخيص والعلاج ونوعية الحياة. الفهم العميق لهذه التداخلات يسهم في تحسين التشخيص المبكر وتطوير تدخلات علاجية فعالة، مما يعزز فرص حياة أفضل للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وعائلاتهم. 

لتسجيل ابنك أو ابنتك في خدمة التشخيص  في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)    

المصدر:  

Spectrum. (2022, November 7). Conditions that accompany autism, explained. The Transmitter. https://www.thetransmitter.org/spectrum/conditions-accompany-autism-explained/?fspec=1 

ترجمة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد 

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 0 / 5. عدد المشاركات: 0

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات