كشفت دراسة جديدة أن أفراد ذوي التوحد الذين يتم تنويمهم في المستشفى بسبب حوادث إيذاء النفس يعانون من انخفاض في معدل الذكاء (IQs) ووجود سلوكيات تكرارية شديدة.
معظم الأفراد الذين يمارسون سلوكيات إيذاء النفس في المنزل لا يفعلون ذلك بالمستشفى وذلك بسبب وجود أخصائيين يراقبونهم عن كثب ويضعون خطط سلوكية خاصة لكل فرد ويمكن أن تساعد نتائج هذه الخطط في تحديد الأفراد الأكثر عرضة لخطر إيذاء أنفسهم في المستشفى.
يقول ماثيو سيجل Matthew Siegel (الأستاذ المساعد في الطب النفسي وطب الأطفال في Tufts University in Boston وكبير الباحثين في هذه الدراسة) “أن سلوك إيذاء النفس يعتبر من السلوكيات الصعب معالجتها ومراقبتها ” أيضاً ” معرفة عوامل الخطر هذه يمكن أن تجعل طاقم المستشفى على استعداد أفضل لما عليهم فعله”.
تقريباً نصف الأشخاص من ذوي اضطراب التوحد يمارسون سلوكيات إيذاء النفس مثل العض أو الخدش وحتى ضرب أنفسهم وترتفع هذه النسب لدى المنومين داخل المستشفيات وغالباً ما يكون هذا هو سبب دخولهم المستشفى.
غطت الأبحاث السابقة التي تناولت موضوع إيذاء النفس و ذوي التوحد شريحة واسعة منهم, إلا أن النتائج الجديدة تسلط الضوء على سلوكيات الأشخاص المنومين داخل المستشفيات لأن حالاتهم غالباً ما تكون ضمن درجة التوحد الشديد.
يقول جيمس بودفيش James Bodfish (بروفيسور في الطب النفسي والعلوم السلوكية في Vanderbilt University in Nashville, Tennessee، والذي لم يشارك في هذه الدراسة) ” أن خصائص سلوكيات إيذاء النفس التي يقوم بها الأشخاص من ذوي التوحد تختلف كثيراً عن بعضها البعض” بناء على شدة وبساطة درجة التوحد.
البيئات الجديدة:
حلل سيجل Siegel وزملاؤه بيانات 302 فرد من ذوي التوحد الشديد, تتراوح أعمارهم بين 4 و 20 عامًا في 6 وحدات نفسية ضمن شبكة وطنية وقد أمضى الأفراد المشاركون ما يقارب 25.6 أيام في المستشفى.
بمجرد انضمامهم خضع المشاركون لاختبارات الذكاء غير اللفظية IQ وأعطي كل من الآباء ومقدمي الرعاية للطفل استبيان لتقييم السلوكيات التكرارية وشدة حالة التوحد وسلوكيات إيذاء النفس داخل المنزل.
راقب الطاقم الطبي الأفراد ذوي التوحد المشاركون من خلال تدوين البيانات التي تخص سلوك إيذاء النفس من خلال وضع كلمة “نعم” أو “لا” في حال حدوث السلوك في فترات مختلفة، واعتبروا أن هذا السلوك خطر عندما يحدثه الفرد مرة واحدة على الأقل كل يوم.
ولاحظوا أن فرد واحد من كل أربعة مشاركين أظهر سلوك إيذاء النفس في المنزل والمستشفى، ونصف الأفراد قد آذوا أنفسهم في المنزل فقط، عدا فرد واحد قد آذى نفسه في المستشفى، أما البقية فلم يمارسوا هذا السلوك أو أنهم أظهروه بنسبة بسيطة تصل إلى أقل من مرة واحدة في اليوم.
وتضيف جيل فودستاد Jill Fodstad (الأستاذ المساعد في علم النفس الإكلينيكي في Indiana University in Indianapolis ، والتي لم يشارك فيه هذه الدراسة) “غالباً ما نرى اختلافًا كبيراً في هذه المشكلات السلوكية بمجرد إدخالهم المستشفى وذلك بسبب مستوى الرعاية الذي يحصلون عليه.”
التدخل المبكر:
ظهرت نتائج الدراسة في تاريخ 24 يناير في مجلة التوحد والاضطرابات النمائية Journal of Autism and Developmental Disorders. تبين أن معدل الذكاء غير اللفظي للأفراد الذين يقومون بسلوك إيذاء النفس في المستشفى والمنزل هي 58, وأن هذا المعدل أقل بـ 18 درجة عن معدل الذكاء لدى الأفراد الذين أظهروا هذا السلوك فقط بالمنزل, كما أن هذه الدرجة أقل بـ 30 درجة عن معدل ذكاء الأفراد الذين لا يمارسون هذا السلوك بشكل متكرر أو بمن لا يمارسه إطلاقا.
ويرتبط سلوك إيذاء النفس سواءً في المنزل أو المستشفى بكثرة حدوث السلوكيات التكرارية وبشدة وتكرار سلوكيات إيذاء النفس. وكما ذكر في تقارير دراسات سابقة أكدت هذه الدراسة أيضاً إلى أن هذا السلوك منتشر بشكل متساوي بين الذكور والإناث.
يقول سيجل Siegel أن هذه النتائج قد تساعد الممارسين الصحيين على الاستعداد بشكل أفضل لحوادث إيذاء النفس والقدرة على منع الفرد من إيذاء نفسه أو حتى الحد من حدوث الضرر. كما إنها ستساعد أولياء الأمور من معرفة العلامات المبكرة للبدء لسلوك إيذاء النفس قبل بدايته. ينصح الممارسين الصحيين أولياء الأمور عندما يلاحظون أن طفلهم لدية انخفاض في معدل الذكاء غير اللفظي و تكرار في السلوكيات تكرارية بالبدء باتخاذ الإجراءات الوقائية. ويقول سيجل Siegel “كلما تدخلت مبكرًا، كان ذلك أفضل.”
وحتى الآن لا يزال الباحثون يحاولون معرفة السبب البيولوجي الذي يفسر لجوء الأفراد من ذوي التوحد الشديد إلى سلوكيات إيذاء النفس.