دراسة جديدة نشرت في شهر يونيو في مجلة Translational Psychiatry ترجح أن العوامل الوراثية للأم قد تكون عامل مؤثر على التوحد لدى طفلها أكثر مما كان يعتقد سابقًا.
راقب الباحثون أم من الفئران تمتلك جينات مرتبطة بالتوحد لفهم الجينات وللحصول على تفسير واضح عن كيفية انتقال التغيرات الجينية المرتبطة بالتوحد، ولماذا قد يصاب بعض الأفراد الذين يعانون من هذه الاختلافات بالتوحد والبعض الآخر لا يصاب به.
قام الباحثون في هذه الدراسة بقياس سلوك التوحد لدى الفئران الذين أنجبتهم أم تحمل طفرة في جين PTEN وصغارها أيضاً الذين لديهم طفرة جينية في PTEN وهو الجين المرتبط بشكل أساسي باضطراب طيف التوحد، ومن ثم مقارنتهم بغيرهم من الفئران وذرياتهم ممن لا يمتلكون هذه الطفرة الجينية.
فيما يتعلق بالبشر فأن هذه الطفرة الجينية في جين PTEN ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحالات صحية خطيرة مثل زيادة خطر الإصابة بالسرطان لذا فإن دراسة هذه التغيرات الجينية تساعدنا في الحرص على تقديم الرعاية الصحية المناسبة والفحوصات اللازمة لذوي اضطراب طيف التوحد ممن يحملون هذه الطفرات الجينية الوراثية.
قال البروفيسور توماس فرايزر Thomas Frazier ( رئيس العلوم في Autism Speaks وكاتب هذه الدراسة) “أن فهم هذه الروابط الجينية لا يساهم فقط في فهم كيفية ارتباطها بالتوحد بل إنه يوضح لنا كيف تتفاعل الجينات بين الأجيال والبيئة، وبفهم هذا سنتمكن من تقديم رعاية فردية للأفراد من ذوي التوحد وأسرهم استنًادا على هذه الجينات.”
وقد وجد الباحثون أن الفئران التي أنجبتهم أمهات ممن يحملن طفرة في جين PTEN لديهم سمات توحد أكثر مقارنةً بالفئران الذين لدى أمهاتهم جينات طبيعية، وذلك بغض النظر عما إذا كان لدى نسلهم طفرة في جين PTEN أو لا. إلا أنه إذا كان الفأر وأمه يحملون طفرة في جين PTEN فإن سمات التوحد التي يحملها الفأر المولود تكون أكبر بكثير.
ومن خلال مقارنة نسل الفئران فإن وجود أم تحمل طفرة PTEN يزيد من سمات التوحد لدى الأبناء أما إذا كانت الأم لا تحمل طفرة PTEN فإن ذلك يقلل من سمات التوحد لدى الأبناء. وتشير هذه الدراسة إلى أن جينات الأم تلعب دورًا كبيرًا في سمات التوحد لدى صغارها.
وبالنظر للحالات الصحية الخطيرة المرتبطة بهذا الجين. فقد أظهرت الدراسات أن الفئران الذين يولدون من أمهات يحملن طفرة في جين PTEN لديهم أيضاً اختلاف في بنية الدماغ وتحديداً في المناطق المسؤولة عن القدرات الوظيفية، كما أنهم يولدون بحجم دماغ أكبر بشكل عام من الحجم الطبيعي إضافةً إلى أنهم معرضين للموت بعد الولادة بمدة قصيرة.
كما بحثت هذه الدراسة أيضاً في كيفية تأثير هذه الطفرة في جين PTEN على نمو صغار الفئران داخل الرحم، قد ربطت دراسة سابقة بين اصابة الأم بالالتهابات وبين ارتفاع نسبة إصابة الأطفال بالتوحد ففي الفئران الحوامل المصابة بالتهاب، وجد الباحثون مستويات منخفضة في بروتين مضاد للالتهابات يسمى السيتوكين cytokine يمكن أن يؤثر هذا البروتين على الاستجابة الالتهابية مما يؤثر على نمو أبنائهم.
ومع تزامن مشكلة التنظيم الالتهابي مع إصابة الأمهات بطفرة PTEN، فإننا لا نملك أدلة كافية للبت فيما إذا كان التغير في جين PTEN هو الذي يسبب التغيرات في جهاز المناعة لدى الأمهات أم لا، على الرغم من أنه من المعروف أن جين PTEN يحدث تغيير في جهاز المناعة بشكل عام بما في ذلك التهاب الأعصاب.
وفي النهاية فإن هذه الدراسة تقدم دليلاً مبدئياً على أن الجين لدى الأم قد يلعب دوراً كبيراً في تطور التوحد لدى أبنائها. وسيقوم الباحثون مستقبلاً بدراسة العلاقة بين معدلات بروتين السيتوكين cytokine لدى الأم الحامل وبين اصابة أطفالهن بالإلتهابات و التوحد.