دور أخصائي العلاج الوظيفي في انتقائية الطعام لدى ذوي التوحد

دور أخصائي العلاج الوظيفي في انتقائية الطعام لدى ذوي التوحد

العلاج الوظيفي هو مهنة طبية تهتم بدعم وتعزيز الصحة والاستقلالية في أداء وظائف الحياة اليومية ومن ثم تمكين الأفراد من المشاركة في أنشطة الحياة اليومية الأساسية. ويعتبر تناول الوجبات الغذائية اليومية أحد أهم هذه الأنشطة. حيث يواجه بعض الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد اضطرابات عديدة في أنشطة حياتهم اليومية، مثل اضطراب الانتقائية في الطعام والذي يقصد به تفضيل الطفل لمجموعة محددة من الأطعمة التي تعطي إحساس محدد ومحبب للطفل، فيميل الطفل إثر ذلك إلى تثبيت نمط عاداته الغذائية على هذه المجموعة دون غيرها من أصناف الغذاء الأخرى المهمة لنموه، مما يجعله عرضة للإصابة بسوء التغذية وتداعياتها. 

تنقسم الأسباب التي تؤدي إلى مشكلة الانتقائية في الطعام لدى أطفال طيف التوحد إلى نوعين:

  • النوع الأول: اضطرابات جسدية مثل ارتخاء عضلات الفم وضعفها أو صعوبات البلع والتي قد تحتاج إلى التدخل من مختلف خدمات التأهيل مثل تخصص العلاج الوظيفي وتخصص التخاطب والبلع وغيرهم ممن لهم جانب تأهيلي يخص هذه الحالات، وذلك لتقييم وعلاج الطفل بخطوات تشمل التنظيم الحسي ومشاكل الجهاز الهضمي العلوي.
  • النوع الثاني: الاضطرابات السلوكية مثل تفضيل الطعام اعتماداً على قوام الطعام واللون والشكل والنوع والعلامة التجارية للطعام، أو في طريقة عرضه. ويميل العديد من أخصائيي العلاج الوظيفي للتركيز على التناسق الحركي والاضطرابات الجسدية بشكل عام، إلا أن العلاج الوظيفي كتخصص لا يركز على علاج هذه المشكلة من الجانب الجسماني فقط، بل يسعى لعلاجها من الجانب الحسي أيضاً.

نشاط تناول الوجبات الغذائية:

 يقوم أخصائي العلاج الوظيفي المتخصص في مجال الأطفال باستكشاف مختلف الطرق لعمل كل جهاز حسي في جسم الإنسان وكيفية تفاعله مع  الأكل. فيبدأ عادة بالأساسيات في الأجهزة الحسية ومن ثم يقوم بتقييمها: فالجهاز الحسي النظري مثلاً يتفاعل مع العديد من المدخلات مثل اللون والشكل، حيث يلاحظ الأخصائي بعض الأطفال يأكلون فقط الأكل من لون معين أو من شكل ونوع محدد دون غيره من الأكل، ولذلك يعتبر شكل ولون ونكهة الطعام من المثيرات الحسية المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار والتركيز عليها عند تقييم الأطعمة المفضلة لدى الطفل. فبعض الأطفال قد يبحثون عن بعض الأطعمة التي تمدهم بإحساس قوي جداً كالأكل الحار بدون أي ردة فعل، وآخرين يتجنبون تذوق أو لمس الأطعمة ذات الملمس اللزج أو الناعم مثل الزبادي ونحوه. 

هنالك بعض النقاط المهمة التي قد تساهم بشكل كبير في تطور النظام الغذائي للطفل. منها التوازن على الكرسي وتحسين منظر الأكل غير المرغوب فيه لشد انتباهه. ومن المشاكل التي يغفل عنها بعض الأهالي وجود مشاكل في الأسنان مما قد يزيد من حساسية الأسنان ونفور الطفل من الطعام. ويتم النظر في الجانب البيئي للطفل مثل علو الكرسي، أو أطباق الأكل المفضلة لديه، أو الغرفة المفضلة لديه و نحوها. 

في الختام يعتبر اضطراب انتقائية الطعام لدى أطفال طيف التوحد واسع التعريف ومتعدد الجوانب، ولكن مما لاشك فيه أن فرص تحسين أدائهم في نشاط تناول وجباتهم باستقلالية كغيرهم من الأطفال هو جانب ذو أهمية بالغة يراها أخصائي العلاج الوظيفي بعين واعية ثاقبة متمحصة لكل الجوانب القابلة للتحسين في سبيل تعزيز هذه الاستقلالية، وفق النظريات الحديثة والأدلة العلمية، وبالتالي يكون النتاج تعزيز نمو وتطور الطفل حتى سن البلوغ وما بعده دونما إشكال متراكم جراء مثل هذه الاضطرابات المزمنة.

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 3 / 5. عدد المشاركات: 2

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات


 خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض على جميع الخدمات و الدورات

استخدم معرف البطاقة