في أحد أيام العمل في المركز كنت أُوصل أحد أطفالي إلى غرفة الفنون، وفجأة سمعت صوت يأتي من زاوية الغرفة يقول بسرعة وبجملة واحدة تخلو من تنوع النبرة “اهلين وشلونك وش اخبارك عرفتيني” عندها التفتُ تجاه الصوت، ففرحت برؤية فتاة كانت من أحد الحالات التي سبق أن حضرت معها جلسة تقييم التخاطب. لاحظت في كلامها بأنه سريع و خالي من تنوع النبرة، وصوتها عالي جدا، ونظراتها مستمرة غير منقطعة، وهذه العلامات هي ما نسميه في التخاطب صعوبات مهارات التواصل الاجتماعي؛ وهي صعوبة استخدام اللغة في سياقات اجتماعية معينة والمواقف اليومية الحياتية.
يشير الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس إلى أن الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد يعانون من صعوبة في التواصل والتفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل. من أعراض صعوبات التواصل الاجتماعي: صعوبة في اتباع قوانين المحادثات المعروفة: مثل تبادل الأدوار أثناء الحديث، وقصور في القدرة على تغيير التواصل لتتناسب مع السياق أو احتياجات المستمع (مثل، التحدث مع الطفل يختلف عن التحدث مع شخص كبير)، كذلك يجدون ضعف في انشاء العلاقات أو الاحتفاظ بها، و صعوبة في فهم المعاني اللغوية الغير الحرفية، مثل الاستدلالات، والسخرية، والاستعارات، والتعابير، وتحليل المعاني. وأخيرا، يجدون قصور في فهم واستخدام أساليب اللغة الغير لفظية، مثل التواصل البصري والإيماءات.
كما ذكرت في القصة، فأثناء حديثي مع الفتاة، وجدت صعوبة في المشاركة في الحديث، وكانت تسرد العديد من التفاصيل الغير مهمة بصوت عالي، ولما أردت إنهاء المحادثة معها، نظرت إلى ساعتي والباب ولكنها لم تفهم على إشاراتي الغير لفظية.
يوجد الكثير من النشاطات والاستراتيجيات للتحسين من مهارات التواصل الاجتماعي، منها: التعليم على تبادل الأدوار أثناء الحديث أو خلال اللعب، قراءة قصة مع طفلك والتشجيع على طرح أسئلة مفتوحة، التكلم عن المشاعر؛ فالكتب والقصص توفر فرص رائعة للتحدث عن المشاعر. اسأل لماذا الشخصية تصرفت أو شعرت بهذه النحو، وحاول توسيع هذا الحديث ليشمل مواقف الحياة الواقعية، حاول مناقشة ما قد يشعر به صديق أو شقيق و لماذا السبب.
صعوبات مهارات التواصل الاجتماعي تؤثر على التواصل والتفاعل الاجتماعي للأشخاص ذوي طيف التوحد، فالحصول على المساعدة من قبل مختصين (مثل اخصائيين التخاطب) مهم جدا. أخصائي التخاطب سيوفر لك ولطفلك الاستراتيجيات المناسبة لطفلك للتحسين من التواصل الاجتماعي.
وفي النهاية، المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتفاعلية مع الدعم المناسب تساعد في تكوين تجربة تعليمية رائعة.
