ضرورة دعم طلاب ذوي التوحد الجامعيين للنجاح في مسيرتهم العلمية

ضرورة دعم طلاب ذوي التوحد الجامعيين للنجاح في مسيرتهم العلمية

حصلت الطالبة  نيكي لورا Nikki Lower على الدعم والمساعدة التي تحتاجها خلال المرحلة الثانوية  واجتهدت وتفوقت إلا إنها شعرت دائماً بعدم انتمائها، وبعد تخرجها قامت بالأعمال التطوعية وعانت كثيرًا من صعوبات في التواصل الإجتماعي ومن ضغوط العمل مما جعلها بحاجة إلى معالج نفسي، وتم تشخيصها بالقلق والاكتئاب وأعراض لاضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه.

 قبلت لورا Lower في جامعة Brigham Young  في ولاية Utah وقامت الجامعة بتسهيل حياتها العلمية من خلال توفير مقعد خاص محجوز  في قاعة المحاضرة، ونصوص صوتية للمحاضرات، و مفكرة إلكترونية ليسهل عليها تدوين الملاحظات. سارت الأمور بشكل ممتاز ومع مرور الوقت حين أصبحت المواد الدراسية أكثر صعوبة بدأت الأمور تتعقد. هنالك الكثير من مشاكل إدارة الوقت والقلق الشديد مما أدى إلى انخفاض معدلها. وقد لاحظت لورا Lower أن زملائها أفضل بكثير منها في تكوين الصداقات مما يشعرها بأنها مهملة. بدأت تبحث لورا Lower عن سبب الصعوبات الكثيرة التي تواجهها، وبعد خضوعها للتقييم تم تشخيصها باضطراب طيف التوحد بدأت بعدها بحضور جلسات علاج جماعية لطلاب ذوي التوحد، مما جعلها تستعيد ثقتها بنفسها وقدرتها على النجاح في الجامعة.

تصل نسبة الطلاب من ذوي اضطراب  طيف التوحد الذين يكملون دراستهم الجامعية في الولايات المتحدة إلى أكثر من 44 % يشكل هذا الرقم ما يقارب 1% إلى 2% من طلاب الجامعات. يشمل هذا العدد الطلاب الذين لديهم قدرات معرفية مثل لورا Lower ولكن تواجههم بعض الصعوبات في التكيف مع الحياة الجامعية بسبب التحديات الاجتماعية والعاطفية والتنظيمية. ونتيجة لذلك تصل نسبة تخرج طلاب ذوي التوحد وغيرها من الإعاقات في الولايات المتحدة إلى 41% مقارنة بنسبة الطلاب الطبيعيين التي تصل إلى 59%. وهو ما يؤكد أن الجهود المبذولة في فهم احتياجات الطلاب من ذوي اضطراب طيف التوحد ومحاولة دعمهم وتسهيل العقبات التي قد تواجههم لها أثر إيجابي في دفعهم نحو التقدم والنجاح في التعليم العالي. 

مخاوف الفصول الدراسية:

ركز فريق الخبراء على أهمية الصحة النفسية وإنها أولوية لمساعدة شباب ذوي التوحد، وفي استبيان قائم قدمه باحثون في جامعة Durham في United Kingdom بينوا أكبر تحديات ومخاوف طلاب الجامعات من ذوي التوحد وهي صحتهم العقلية و عزلتهم الاجتماعية التي يواجهونها، كما أن هذه العوامل أحد أكبر أسباب الانتحار بين طلاب ذوي التوحد. 

ويعاني العديد من شباب ذوي التوحد  مثل لورا Lower من صعوبات في المهارات التنظيمية والتخطيطية التي يمكننا تسميتها “الوظائف التنفيذية”. تظهر هذه الصعوبات بشكل جليّ عندما يسكن الأفراد بعيداً عن والديهم و أيضاً يضطر الفرد للتأقلم مع جو المحاضرات غير المنضبط على عكس ما اعتاد عليه من انضباط في الفصول الدراسية في المرحلة الثانوية. إضافة إلى ذلك الأصوات والمناظر الموجودة أينما ذهب سواء في قاعات الطعام الكبيرة أو في الحفلات الصاخبة أو حتى في حرم الجامعة المكتظ يسبب في تحفيز و إرباك الطلاب ذوي التوحد.خصوصاً الطلاب الذين لديهم مشاكل حسية قد يسبب هذا في معاناة في الدراسة أو الإختلاف في الجامعة. قد ينسى الاهتمام لهذه المشاكل في المؤسسات التعليمية الكبيرة وايضاً من قبل الطلاب والوالدين. 

قمنا بنشر تحليل لتقارير أجريت طوال عقدين من الزمان بواسطة مركز Counseling and Psychological Services في جامعة Brigham، من ضمن هذه التقارير توجد استبيانات تم أخذها من الطلاب قبل وبعد جلسات العلاج. ولحسن الحظ توجد حلول لهذه المشكلات.واتبع المركز نهج الاستشارة القائمة على الأدلة ولكن لا يوجد له بروتوكول خاص بالتوحد. 

وأظهرت التقارير بأن الطلاب سواء من ذوي التوحد أو الطلاب الطبيعيين يعانون من مستويات ضغوطات نفسية متشابهة وأن مستويات التحسن متقاربة لديهم جميعًا بعد جلسات العلاج. من أجل الوصول إلى هذه النتائج احتاج الأفراد ذوي التوحد  إلى عدد أكثر من الجلسات و وقت أطول ما يقارب ضعف الوقت الذي قضاه زملائهم الطبيعيين. ويشير ذلك إلى أن الطلاب من ذوي التوحد قد يستفيدون من جلسات العلاج مثلهم مثل الطلاب الطبيعيين ولكن بتخصيص وقت أطول لهم.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تفاعل البالغون من ذوي التوحد بشدة على نتائج هذه الدراسة، قال العديد منهم إن جلسات العلاج النفسي العادي لا تلبي احتياجات ذوي التوحد بشكل كافي وقال البعض الآخر أن هذه الجلسات قصيرة جداً لتكون ذات فاعلية. وغردت إمرأة على تطبيق تويتر من المملكة المتحدة أنها تلقت 6 جلسات كأقصى حد من العلاج السلوكي المعرفي التقليدي من معالج لم يتلق أي تدريب في اضطراب طيف التوحد ولذلك لم تخرج بأي فائدة تذكر من هذه الجلسات العلاجية.

يعمل الباحثون بقيادة جاكلين رودجرز Jacqueline Rodgers في جامعة Newcastle في U.K. على تطوير علاج للقلق لدى البالغين من ذوي التوحد يسمى “CUES”. قد يكون لهذا العلاج وغيره من الطرق المستحدثة دوراً أكبر وأكثر فعالية في مساعدة طلاب الجامعة من ذوي التوحد مقارنةً بالخدمات المقدمة حالياً. 

الأماكن الآمنة:

تقدم العديد من مؤسسات التعليم العالي شبكات دعم مخصصة لطلابها من ذوي التوحد، مثل مجموعة جلسات العلاج التي تحضرها لورا Lower. كما أن هناك عدداً متزايداً من البرامج الداعمة التي تساعد البالغين في التعامل مع المرحلة الانتقالية بين الدراسة الثانوية والمرحلة التالية سواء كانت تدريب مهني أو المرحلة الجامعية. على سبيل المثال تلقت جامعة  Utah Valley University أكبر مؤسسة للتعليم العالي في ولاية يوتا منحة من أحد المتبرعين لبدء برنامج Passages لطلاب ذوي التوحد يهدف هذا البرنامج على بناء المهارات الإجتماعية والأنشطة الترفيهية مثل المشي والذهاب إلى السينما وغيرها وذلك من خلال اجتماعات أسبوعية و ورش عمل لأسر ذوي التوحد. 

تستطيع الجامعات أن تهيئ الخدمات المتوفرة حالياً لتلبية احتياجات البالغين من ذوي التوحد. مثلًا تقدم العديد من المؤسسات مساعدات فعلية للطلاب الذين يواجهون صعوبات في التعلم. ومن ضمن هذه المساعدات توفير مدربين للوظائف التنفيذية. ويمكن أن يقدم الإرشاد الطلابي في الجامعات دعم ممتاز للبالغين من ذوي التوحد. يمكن إنشاء مساحات آمنة ذات حد أدنى من المحفزات الحسية لإجراء الاختبارات والأنشطة الأخرى. وتشير بياناتنا إلى أن توسعة مجال علاج أفراد ذوي التوحد يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في مستوى رفاهية الطلاب مع تقليل التكاليف المرتبطة بفشل الطلاب. ومن المهم العمل على أكبر قدر ممكن من الدعم والإبداع والمرونة لتمكين المؤسسات والجامعات من تقديم مساعدتها لطلاب ذوي التوحد على أفضل وجه. كما يجب على المسؤولين وغيرهم أن يثقفوا بخصوص اضطراب طيف التوحد من أجل التغيير. والتوحد ليس اضطراباً نادراً بل على العكس هنالك العديد من طلاب ذوي التوحد يدرسون في الجامعات ينتظرون قليلاً من المساعدة للنجاح.

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 0 / 5. عدد المشاركات: 0

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات


 خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض على جميع الخدمات و الدورات

استخدم معرف البطاقة