لا تحاول تغيير لعب طفلك بل انضم له 

لا تحاول تغيير لعب طفلك بل انضم له 

“حاول أن تضع هذه المكعبات هكذا” 

“لنجعل السيارة تعمل!، نحن نقود السيارة!”  

الكثير منا يستخدم مثل هذه التعليقات عند اللعب مع أطفالهم لأن هذا ما تعلمناه. نحن غالبا نستهدف “اللعب المناسب” فنحاول نساعد الطفل على تعلم اللعب لكي يستطيع التعلم من خلاله. 

لقد سمعنا كثيرا أن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل من خلال اللعب، فنحن نعرف أن طريقة اللعب بالنسبة للأطفال عادةً تكون عن طريق مشاركة الألعاب المفضلة، تبادل الأدوار، حل المشكلات، استخدام الألعاب بطريقة تخيلية أو واقعية مما يساهم في تطور مهارات التواصل لديهم. 

 لكن علينا أن ننظر الى اللعب من منظور الطفل المشخص باضطراب طيف التوحد، لأن ذلك يساعد بقبول أفكارهم واهتماماتهم ونقاط قوتهم على تحفيزهم والمساهمة في تنميتها. 
 

اللعب المناسب” هل هو بالفعل مناسب؟ 

منذ عقود، حاول الأطباء والباحثين تحسين التواصل لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال البدء بتعليمهم كيفية اللعب “بشكل مناسب”. ومع ذلك، فإن مفهوم اللعب نفسه غير محدد بشكل واضح. وفقًا لبيتر جراي، الباحث في علم النفس من كلية بوسطن، يتميز اللعب بخمس سمات متفق عليها بشكل عام: أنه اختيار ذاتي وموجه للذات، وجود الدافع الداخلي، تقوده قواعد عقلية، خيالية، يتم تنفيذه حالة ذهنية نشطة ومتنبهة، ولكن منخفضة التوتر نسبيًا. 

فإذا قمنا بتعديل لعب الطفل المشخص باضطراب طيف التوحد لجعله أكثر تنظيما وأكثر قابلية للتنبؤ به فإنه لم يعد يتناسب مع حدود اللعب كما هو محدد أعلاه. في هذا السيناريو، يبدأ الطفل باللعب “بشكل مناسب” ليس لأن لديه دافعًا داخليا أو متعة حقيقية، ولكن لتلقي الثناء أو ردود الفعل الإيجابية من الآخرين، فإذا كافأناهم على تقليد لعبنا واعتبرناه بمثابة تقدم، فهل نساعدهم حقًا على التعلم؟ للأسف، الجواب هو لا.  

فإذا كان التدريس والتركيز على تعليم “اللعب المناسب”، قد يقوم الأخصائي عن غير قصد بتعليم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد إخفاء اهتماماتهم وتفضيلاتهم وما يحبونه. 

 
غالبًا ما يخفي الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد سلوكهم عن طريق تقليد السلوك الطبيعي من أجل التوافق بشكل أفضل مع أقرانهم وبيئتهم. وعلى الرغم من أن الإخفاء قد يوفر فوائد مؤقتة، إلا أنه على المدى الطويل، تم اكتشاف أن له آثارًا سلبية على تقدير الشخص المشخص بالتوحد وثقته بنفسه وصحته العقلية بشكل عام. 

نهج الجديد 

 لماذا نركز على طريقة لعب الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟ هل نحاول تغيير طريقة لعبهم لكي نكون أكثر راحة؟  

نحن نفرض فكرة معينة بدون قصد، وهذا ليس الحال في جميع الحالات. فالآن، عندما نستمع إلى الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، يمكننا أن نتعلم ونتحسن، وهل تغيير طريقة لعب الأطفال هو النهج الأفضل؟ لا. 

إن قبول لعبهم والاستماع إلى أصواتهم ودعم تفضيلاتهم والبناء على نقاط قوتهم هو الطريقة المثالية. فأنا لا أقوم بتحديد كيفية لعب الطفل ذوي اضطراب طيف التوحد، بل أقوم باتباع خطواتهم لتعزيز لغتهم وتفاعلهم.  

المفتاح هو مقاومة الرغبة في تحديد اختيارات الطفل أو تعديلها، حتى لو كان ذلك صعبًا. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يستمتع بتدوير الأكواب، فإنني أنضم إليه أو أعكس لعبه، بدلاً من التظاهر بتناول الشاي. إذا كان الطفل يحب إخراج الألعاب من الصناديق، فأشاركه في اللعبة من خلال تجسيد الفعل واستخدام اللغة لوصف الفعل.  

فيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية تطبيق هذه الاستراتيجية: 

  1. طفل يأخذ العابه ويصنفها ويسميها قبل أن يرتبها بطريقته، هنا لا تحاول تعليمه طريقة اللعب بالألعاب. بدلاً من ذلك، صف سلوكياته لكي تحفز عنده اللغة. مثلا: “أحب أن امسك السيارة، أرى سيارة الحمراء، …” في هذه الحالة أنت لم تغير طريقة لعبه لكن سوف تلفت انتباه مما يساعد على المزيد من المشاركة والاهتمام المشترك والتبادلات الغير المقيدة مع الطفل. 
  1. طفل يردد كلمة “كتاب” وعند إعطائه الكتاب يقوم بالدوران ورميه في الصندوق بعد ذلك. الطفل لم يكن يريد قراءة الكتاب. في هذه الحالة بإمكاننا أن ننضم إلى لعبه عن طريق رمي الكتب في الصندوق واستغلال هذه الفرصة بتحفيز اللغة لدى الطفل واستخدام مصطلحات جديدة مثل: “سعيد، رمي، كبير، صغير، أعلى،…” هنا نبين للطفل أنه يمكننا التواصل وفقًا لشروطه. 

  
من المحتمل أن تكون الطريقة التي يلعب بها الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد مختلفة، ولكنها ليست خاطئة. فاستخدام نقاط القوة واهتمامات كل طفل وقبول لعبه باعتباره صالحًا من خلال الانضمام إلى أنشطته المفضلة، يساعد على بناء علاقة جيدة بين الطفل والشريك. 

المرجع:

Burch, J. (2022). Don’t change autistic play. join in @asha. https://leader.pubs.asha.org/do/10.1044/leader.MIW.27112022.slp-antiableist-play.22/full/ 

كتابة: أ. لجين الشهري – طالبة تدريب – جامعة الملك سعود 
مراجعة: أ. ثناء المهوس – أخصائي معتمد من الجمعية الأمريكية للنطق واللغة – مشرف إكلينيكي في قسم اللغة والتخاطب و أ.صالح السويلم – رئيس قسم علاج اضطرابات التخاطب – مركز التميز للتوحد  

إلى أي مدى كان هذا المصدر مفيد؟

متوسط التقييم 5 / 5. عدد المشاركات: 4

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات