يعتبر مؤتمر الجمعية الدولية لأبحاث التوحد INSAR السنوي من أشهر المؤتمرات في مجال اضطراب طيف التوحد ، وقد استمتعت بسماع بودكاست يلخص أهم النقاط في مؤتمر 2023 INSAR الذي تقدمه الرائعة Dr. Alycia Halladay من مؤسسة علوم التوحد Autism Science Foundation ، سأسرد لكم أهم المعلومات :
نبذة عن بعض الجلسات المقدمة:
- وفي اليوم الأول قدمت Dr. Wendy Chung (رئيسة قسم طب الأطفال في مستشفى بوسطن للأطفال وقائدة بيانات سبارك) قاعدة البيانات العملاقة التي سمعتم عنها كثيراً “سبارك” ، ذلك بصفتها رئيسة قسم طب الأطفال الجديدة. كانت بداية رائعة للمؤتمر وهي الجلسة الأولى في المؤتمر الذي يدور حول اختلافات ماهية التوحد ؛ فالبعض يرى فيه هوية ، في حين أن البعض الآخر يراه كحالة ، أو اضطراب بالنسبةِ لأشخاصٍ آخرين. هذا لا يعني أن هناك أشخاصاً على صواب وآخرين على خطأ ، ولا يعني أن هناك منجهاً واحداً ينطبقُ على الجميع. وقد شرحت Chungd في جلستها كيفية عمل سبارك ، وكيف أنهم بدأوا بالفعل بوصف أكبر قاعدةِ بياناتٍ على الإطلاق ، ووصف مجموعة متنوعة من الحالات التي يشملها التوحد.
- قدمت الجلسة الثانية Gauri Divan من الهند ، تحدثت فيها عن تنفيذ التدخل من خلال تعليم الوالدين في الهند. يبلغ عددُ سكانها 1.4 مليار نسمة؛ ليس هناك أية مشاكل بخصوص القوى العاملة والموارد البشرية كما أشارت ديفون؛ فهناك الكثير من الأشخاص القادرين على العمل. وعلى الناحية الآخرى هناك عددٌ قليل جداً من الخبراء في مجال التوحد، وكان تدريب المزيد من الأشخاص على التدخلات التأهيلية في مجال التوحد هو أول عقبةٍ يجبُ التغلبُ عليها، وهذا ما حاولوا فعلهُ بالاستفادةِ من خبيرٍ واحدٍ يُبينُ لمجموعةٍ من الأشخاص حلاً ممكناً. في الواقع، كان هناك خبراءٌ قليلون، والكثير من العمال. ومن هنا ، كان عليهم تنفيذُ تدريباتٍ جماعية. تم تدريبُ عمال الرعاية على المُساعدةِ في السيطرة على السلوكيات وتحسين القدرة على التعلمِ في المنزل. كان هذا النهجُ مبنياً على الطفل واحتياجاته.
- الجلسةُ الأخيرة كانت للخبيرة الشهيرة والرائعة Dr. Patricia Howlin من كلية الملك في لندن ، تحدثت عن فترة البلوغ. لسوء الحظ ، أشارت إلى أن البيانات غير متسقة؛ وذلك لأنه لم يتم إجراءُ دراساتٍ كافيه ، و تصميم الدراسات كان مُختلفاً ، كما وأن هذه الدراسات لا تشتملُ على عددٍ كافٍ من الأشخاص. كانت تتساءل إن كان من المُمكن الآن مقارنةُ الإناث بالذكور ، إلا أنه وللأسف تصعبُ الإجابة على هذا السؤال لأن الدراسات لا تشملُ عدداً كافياً من الإناث ، وهناك مشكلتان مُحتملتان لهذا. أشارت إلى وجودِ بعض التضارب في الأدلةِ مما يُبرزُ بعض التناقضات.
- تم التطرق إلى العديد من الأسئلةِ الجيدة التي يجبُ التعاملُ معها ، مثل هل يُظهرُ الأشخاصُ المُصابون بالتوحدِ تحفظاً أكبر في القدرات المعرفية والصحة العقلية بالمقارنةِ مع غيرهم من غير المُصابين؟ كان هناك أدلةٌ تدعمُ كلا الجانبين ، ما يعني أننا بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الدراسات ، دراسات لـ مالذي يُحددُ نوعية الحياةِ الجيدةِ بالنسبةِ للبالغين مع تقدمهم في العمر؟ هل من المُمكنِ أن يكون العملُ المُنجز مهماً بالنسبةِ لبعض الأشخاص ، أو امتلاكُ صديقين أو المُشاركةُ في نشاطاتٍ خارج المنزل تعني حياةً أفضل بالنسبةِ لهم. نحنُ بحاجةٍ إلى تحديد دقيق لماهية الحياةِ الجيدة بالنسبة للبالغين من ذوي التوحد.
- العلوم و البيولوجيا الأساسية احتلت مكاناً ثانوياً هذا العام؛ حيث تم مناقشةُ بعض الأمور المُتعلقةِ بالوراثة ، إلا أنها كانت بالغالبِ مُتعلقة بدراسة مشاكل الوراثة. لسببٍ ما ، أصبحت الدراسات الجينية كلمةً مشوهة ، أو يجبُ على القول بأنها أصبحت مُهينةً ويُساءُ تفسيرها ، كممر للعبور ناحية علم تحسين النسل.
- فيما يتعلق بموضوع الإنتحار. أشار أحدُ الأشخاص في اللجنةِ إلى أن المواقف من كلمة “اضطراب” واستخدام الناس لها يدفعُ الأشخاص للانتحار. وإنه لابد من مواجهةِ موضوع الانتحار بين أفراد مُجتمع التوحد ، والطريقةُ لهذا تكمنُ في الفهم. لا تُلقوا كل اللوم على شيء واحد ، وإلا فلن يتم التعامل مع الأمور الأخرى ومواجهتها ، وسيرى الناسُ في الانتحار بأنه أمرٌ يعودُ لسببٍ واحدٍ وغير مُعقد. تعلمتُ الكثير من هذه الجلسة، ولكننا بحاجةٍ إلى العمل معاً لمعالجةِ مخاوف المُجتمع ، بدلاً من أن ننطلق من مشاعر الخوف والغضب.
- جلسة عن أهمية البحوث الجينية. أحدُ أعضاء هذه الجلسة Dr. Stephan Sanders ، الذي وصفَ الوراثة على أنها سببٌ للتوحد ، ولكن الأمر ليس ببساطةِ جينٍ مقابل آخر. بالتأكيد هناك جيناتٌ ترتبطُ بشدة بالتوحد ، ولكن بعض الدراسات الحديثةِ تُشيرُ إلى ما يُعرفُ بعوامل النسخ ، وهي الجيناتُ التي تُنظمُ وظائف الجينات الأخرى. الأمرٌ مُعقد ولهذا ، ليس من المُحتمل أن يكون هناك اختبارٌ جيني قبل الولادة لمعظم حالات التوحد. الجيناتُ المُرتبطةُ بالتوحد كثيرةٌ جداً ، وتتكون من تركيبة مُعقدةٍ جداً؛ ولذا فإن النظر لاختبارات ما قبل الولادة أمرٌ بعيد جداً. إحدى التساؤلات التي تُطرحُ بخصوص الإناث والطرق التي يُمكنُ من خلالها فهم الإناث المُصابين بالتوحد، أو اللواتي تم تشخصيهن عند الولادة تنظرُ في الوراثة. تدعمُ العديد من الدراسات حالياً وجود التأثير الوقائي (قدرة على تحمل الجينات) لدى الإناث مع وجود عبء أعلى من الجينات النادرة والجينات الشائعة المرتبطة بالتوحد.
- يتمُ تشخيصُ الفتيات بالتوحدِ عادةً في وقتٍ لاحق، وعادةً ما يكون لديهن مستوى ذكاءٍ أقل. هناك مجموعة صغيرة من الإناث إما أنها ظهرت عليها التأخير في وقت مبكر من حياتها ولكن لم تستوفِ معايير التشخيص بالتوحد في عُمر المدرسة، أو أنها استوفت معايير تشخيص التوحد في سن الطفولة المُبكر ولم يعد هذا التشخيصُ صحيحاً في فترة البلوغ أو المرهقة ، بحيث بدا الأمرُ وكأنهن يتذبذبن حول معايير التشخيص. يبدو وأن الإناث اللواتي لم يعد التشخيصُ ينطبقُ عليهم في عمر المدرسة يواجهن مشاكل أكبر على صعيد العلاقات بالنسبةِ لأقرانهم من الذكور. أما اللواتي لم يتم تشخيصهم في البداية وتم تشخيصهم في وقتٍ لاحق، تبين امتلاكهم لمهاراتٍ لغوية أفضل وسماتٍ توحد أقل وضوحاً. بالنسبةِ لمن لم يتم تشخيصهن بوضوح، وُجدَ أن لديهن قدراتٌ لغوية ضعيفة. من هنا علينا بذل المزيد من الجهد لتشخيص ودعم الإناث ، وخصوصاً في فهم اللغة والتفاعل الاجتماعي.
هناك نقاط أساسية نأخذها من هذا المؤتمر وهي:
- كل شخصٍ مُصابٌ بالتوحد مختلف جينياً واجتماعياً وديموغرافياً. ما يكونُ صحيحاً في حالةِ شخصٍ ما ، حتى وإن كان مصاباً بالتوحد، لا ينطبقُ بالضرورة على آخر. صوتُ كل فردٍ مهم ، ويجبُ أن نقوم بعملٍ أفضل لتضمين جميع هذه الأصوات في الأبحاث العلمية. وليس فقط الأعلى صوتاً.
- فيما يخصُ التدخل المُبكر في بُلدانٍ كالهند حيثُ الخدماتُ القليلة ، وجدو طريقةٍ لإنجاحه؛ فقد قاموا بتدريب مقدمي الرعاية الصحية في المُجتمع على التدخل المُعتمدِ على الوالدين. أُعجب الأهل بهذا النهج ، واستجابَ له الأطفال. يجبُ أن نستخدمَ هذا النموذج في أماكن أخرى، حتى في الولايات المُتحدة ، في المناطق ذات الموارد المحدودة.
- بالنسبةِ للبالغين لا يزالُ علينا اتباعُ نُهُجٍ مُتعددة ، ولكن الأشخاص من ذوي التوحد بمرور الوقت لا يُقدمون معلومات كافية كتلك التي يوفرها لنا الأطفال ، ويجبُ أن يتغير هذا الأمر. أيها العلماء إن كنتم ترغبون في جذب المشاركين في الدراسة: تحلوا بالمرونة والاستعداد للعمل عن بُعد.
- لا بُد أن تكون الخطة العلاجُة فردية ومتوافقه مع احتياجات كل فردٍ على حدة. قد ينطبقُ هذا على من يعانون من إعاقةٍ عقلية وقدرة لفظية أقل، ولكن في الواقع، يجبُ أن ينطبق هذا على الجميع.
- توقفوا عن قول إن الأبحاث الجينية تهدفُ إلى القضاء على مُجتمع الأشخاص من ذوي التوحد. لدينا الآن فهمٌ أفضل للعقل الفريد والرائع الذي يتمتعُ به الأشخاصُ من ذوي التوحد. نعرفُ لم لا يتمُ تشخيص الإناث بالتوحد بصورةٍ كبيرة.
- وأخيراً تُمثلُ الفتياتُ مُجتمعاً يعاني من نقص الرعاية في حالات التوحد ، والتي تحتاج إلى المزيد من الأبحاث.
المصدر:
ترجمة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى – مركز التميز للتوحد
مراجعة: أ. احلام المسبحي – أخصائية محتوى وترجمة – مركز التميز للتوحد