ما نوع أبحاث التوحد التي يجب أن نقوم بها وأين يجب أن نقوم بها؟ 

The article was originally published on Spectrum News, https://www.spectrumnews.org/opinion/viewpoint/what-kind-of-autism-research-should-we-do-and-where-should-we-do-it/

ما نوع أبحاث التوحد التي يجب أن نقوم بها وأين يجب أن نقوم بها؟ 

في يوم 23 مارس 2023 أصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكي (CDC) أحدث النتائج من شبكة مراقبة التوحد وإعاقات النمو (ADDM) وهي شبكة مكونة من أحدَ عشرَ موقعًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقد أفادوا عبر مواقع ADDM بأن طفل واحد من كل 36 طفلاً مصاب باضطراب طيف التوحد ويترواح معدل الانتشار من 23.1 لكل 1,000 حالة في ماريلاند إلى 44.9 لكل 1,000 حالة في كاليفورنيا، ولقد تم توثيق وتسجيل 37.9% من الإعاقات العقلية المصاحبة للتوحد لدى الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد. 

تمثل هذه الدراسة نوع معين من أبحاث التوحد وهو (الرقابة للأوبئة) وبشكل دقيق هي (رقابة على الأطفال في عمر محدد من خلال مواقع معينة في الولايات المتحدة)، وقد سألني الكثير من الباحثين والأطباء من البلدان الإفريقية ما إذا كانت النتائج تعني وجود نسب عالية من اضطراب طيف التوحد في بلادنا. 

كان ردي على تساؤلاتهم هو أخبارهم عن محاولاتنا لتنفيذ منهج مشابه لـ ADDM في مركز أبحاث التوحد Centre for Autism Research (CARA) في كيب تاون جنوب إفريقيا مع نتائج مختلفة جداً. وبعد البحث الدقيق في بيانات أكثر من مليون طفل في سن الدراسة ومن المسجلين في قاعدة بيانات التعليم الشاملة في كيب الغربية  إحدى محافظات جنوب إفريقيا، وجدت Sarosha Pillay وزملاؤها من CARA معدل 0.08% ما يعادل طفل من كل 1,228 طفلاً مصاب بالتوحد، كما يوجد هناك الكثير من أطفال ذوي التوحد الذين ينتظرون دخول المدرسة وهناك أطفال يدرسون، ويوجد ايضاً 90% من الأطفال الذين يدرسون في مدارس مخصصة للتوحد وليس المدارس العامة. 

تفسيرنا لما حدث في جنوب إفريقيا هو أننا ربما نعرف طفل واحد فقط من كل 10 أطفال مصابين بالتوحد في النظام التعليمي، مما يعني أن امامنا مهمة كبيرة وهي الإرشاد والتوعية والتعرف على الأطفال ذوي التوحد وتطوير مجموعة من البيئات التعليمية المناسبة لهم.، واريد أن اخبركم بأن اختلاف النتائج الواضحة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا توضح مدى اختلاف أولويات البحث والممارسة بناء على مكان تواجدنا، لذا نؤكد على أهمية فهم ومراعاة المناطق قبل ترجمة النتائج من مكان واحد في العالم إلى مكان آخر. 

يستطيع أن يميز حضور مؤتمر الجمعية الدولية لأبحاث التوحد (INSAR) عنوان هذه المقالة، فقد كانت عنواناً للخطاب الذي قدمته عام 2021 في مؤتمر INSAR المقرر عقده في بوسطن ولكن تم عقد عن بعد عبر الإنترنت بسبب جائحة فايروس كارونا، حينها تحدثت عن قصتان مازالتا ترتبط بمواضيعنا اليوم. القصة الأولى كانت عن مرض التصلب الحدبي المعقد وهو حالة وراثية ترتبط بالتوحد أو العديد من الحالات المصاحبة للتوحد، والموضوع الثاني كان عن اضطراب طيف التوحد في أفريقيا رسالتي الأولى والرئيسية هنا عن أهمية أن نسعى جاهدين لإجراء أبحاث تشارك فيها المجتمعات التي نخدمها وأن نتفاجأ إلى أين ستصل بنا أبحاثنا، ثانياً يجب علينا تسريع الأبحاث في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث يعيش فيها غالبية الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد وعائلاتهم ولم يتم إجراء أي بحث عليهم تقريباً.  

انتظر مؤتمر INSAR 2023 السنوي والذي سيعقد في ستوكهولم عاصمة السويد، متحمس للرؤى ولسماع مجموعة الأبحاث، وبالنظر إلى العناوين الرئيسية وتنوعها بشكل مشجع، ابتداء من ويندي تشونغ Wendy Chung (مديرة الأبحاث السريرية في مؤسسة Simons Foundation Autism Research) والتي تُخطط للحديث عن جينات التوحد وكيفية إشراك المجتمع، ومن ثم ننتقل إلى جوري ديفان Gauri Divan (مديرة Child Development Group في Sangath وهي منظمة غير ربحية في ولاية جوا الهندية) تُخطط للحديث عن نماذج الرعاية في المناطق منخفضة الموارد، وبعدها إلى بات هولين Pat Howlin (أستاذ علم النفس السريري للأطفال في King’s College London في المملكة المتحدة) والذي يُخطط للحديث عن الشيخوخة مع اضطراب طيف التوحد. 

إنني متطلع جداً للمحاضرات ولجلسات النقاش والحديث والملصقات ذات الصلة وينتابني الفضول ايضاً حول مدى وعينا لمراعاة احتياجات وتفضيلات مجتمع ذوي التوحد وكيف ستكون كل هذه الجلسات ممثلة ثقافيًا ولغويًا وجغرافيًا. 

ما عليك إلا أن تلقي نظرة على مجلة INSAR أبحاث التوحد Autism Research حتى ترى النطاق الواسع والمختلف من المخرجات العلمية في السنوات الأخيرة، وخلال العشر سنوات الماضية ظهر نوع مختلف من الأبحاث حيث قاموا الباحثون من ذوي التوحد والباحثون من ذوي النمو الطبيعي بإجراء أبحاث نوعية وتشاركيه وقد كان من الرائع رؤية الأساليب الجديدة والأسئلة والنتائج الجديدة على صفحات أبحاث التوحد Autism Research

أننا نشهد خطاب متزايد بخصوص لغة التوحد وكيف نتحدث عنه ومدى شدته والمجموعة الواسعة من الحالات التي قد تصاحبه، وأنه أحيانًا تكون القراءة غير مريحة على سبيل المثال لقد أشار باحثون مثل مونيك بوتا  Monique Botha (محاضر مشارك في علم النفس في جامعة Surrey) مثلما قال إيليده كيج Eilidh Cage (محاضر في علم النفس في جامعة Stirling وكلاهما من المملكة المتحدة) بأن لغة أبحاث التوحد جعلت ذوي التوحد يشعرون بتجريدهم من الإنسانية ويشعرون بالعار، وذكروا أزمة أبحاث التوحد بسبب الصراع الفلسفي بخصوص كيفية التفكير في التوحد وبالتالي كيف ينبغي أن تكون أبحاث التوحد. 

هذه المحادثة مهمة لنا جميعًا ويجب علينا المشاركة فيها وهي مرتبطة بشكل كبير بالأسئلة التي ذكرتها في خطابي الأساسي عام 2021 حول أنواع أبحاث التوحد التي نقوم بها وأين ينبغي أن نقوم بها، لذا آمل بأن نتمكن من إجراء المزيد من هذه النقاشات في INSAR 2023. 

كما أشرت قبل عامين أنه قد يختلف هدف البحث باختلاف المجتمعات، حيث أن الداعمون والمدافعون تدور أبحاثهم حول القبول والشمولية وتغيير البيئة والسياسات، اما الباحثون البيولوجيون يحاولون تحقيق اكتشافات عن الأسباب الأساسية للحالة التي قد تؤدي إلى تحسين النتائج المستقبلية، وفي الوقت نفسه يحاول الباحثون في مجال العلوم العالمية والتنفيذية فهم الاحتياجات والأنظمة المحلية من أجل تحديد أولويات الاحتياجات وتقوية الأنظمة للتقليل من الفوارق الصحية ومن أوجه عدم المساواة. 

كانت إحدى الكلمات الأساسية في خطابي عام 2021 هي مفهوم “الاستجابة الاجتماعية” مما يعني أن نقطة بدايتنا يجب أن تكون في البحث عن فهم حقيقي للاحتياجات والأولويات الاجتماعية والمجتمعية وأن نولي الاهتمام لذوي التوحد في جميع مستويات المجتمع ومن كل مجتمعاتنا على المستوى العالمي من كل دولة، وبمجرد ما نُدرك هذا سيصبح بمقدورنا إجراء الأبحاث التي ستساهم في مجتمعاتنا بتحسين جودة حياتهم وبيئاتهم، إذا اعتمدنا هذا المفهوم كمبدأ توجيهي فليس لدي أدنى شك في أنه يمكننا إجراء بحث ذي صلة بالمشاركة مع جميع المجتمعات التي يسكن فيها أفراد ذوي التوحد. 

كتابة: بيتروس دي فريس Petrus de Vries (المدير المؤسس لمركز أبحاث التوحد في أفريقيا).  

ترجمة: أ. شوق الزهراني – متدربة في قسم المحتوى – مركز التميز للتوحد
مراجعة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى و أ. احلام المسبحي – أخصائية محتوى وترجمة – مركز التميز للتوحد

[ratemypost]

لقد قرأت

شارك هذه المقالة

أحدث المقالات