في ظل التقدم الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي، أصبح لهذا المجال دور بارز في العديد من التطبيقات الطبية والتشخيصية. أحد الأمثلة البارزة هو نظام Canvas Dx الذي يستخدم تقنيات التعلم الآلي لتحسين دقة وفعالية التشخيصات، خاصة في مجال التوحد.
وفقًا للدكتور دينيس وول Dr. Dennis Wall (أستاذ طب الأطفال وعلوم البيانات الطبية الحيوية في جامعة ستانفورد، حصل على العديد من الجوائز وهو عضو في العديد من المنظمات الأكاديمية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، هو أيضًا مؤسس مشارك لشركة تُدعى Cognoa) يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في تشخيص التوحد من خلال تطوير أدوات مثل Canvas Dx، الذي يُعتبر أول جهاز طبي معتمد من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لهذا الغرض. الهدف الأساسي من استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق هو تقليل متوسط عمر التشخيص للتوحد، مما يتيح للأطفال الحصول على التدخلات في الوقت المناسب، وهو ما يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحسين تطورهم.
يستخدم Canvas Dx خوارزميات التعلم الآلي Machine Learning المدربة على مجموعات بيانات واسعة تشمل سجلات لحالات الأطفال الذين تم تشخيصهم بالتوحد وحالات أخرى من الاضطرابات النمائية. ويتيح هذا التدريب للنظام تقديم توقعات دقيقة بناءً على مدخلات متنوعة، مثل تقارير الأهل، وتقييمات الأطباء، ومقاطع فيديو لسلوك الطفل في بيئته الطبيعية. تم تصميم نظام الذكاء الاصطناعي للتعرف على السمات السلوكية التي تدل على التوحد، والتي يمكن ملاحظتها بفعالية أكبر في البيئات الطبيعية وغير المنظمة مقارنة بالتقييمات التقليدية في العيادات.
بالإضافة إلى ذلك، يبرز الدكتور وول Wall أهمية قدرة نظام الذكاء الاصطناعي على التعرف على حالات عدم اليقين من التشخيص. فإذا واجه النظام معلومات غير كافية أو غامضة، فإنه مبرمج على الإشارة إلى عدم قدرته على تقديم تشخيص حاسم، بدلاً من إصدار نتيجة ثنائية قد تكون مضللة. هذه الميزة ضرورية للحفاظ على نزاهة عملية التشخيص وضمان تقديم تقييمات دقيقة للأهالي.
يستخدم نظام Canvas DX التعلم الآلي في عملية التشخيص من خلال تطبيق نموذج تعلم آلي تحت الإشراف تم تدريبه على مجموعة بيانات ضخمة من سجلات الحالات. تتضمن هذه المجموعة مئات الآلاف من التقييمات التي أُجريت على أطفال تم تقييمهم للتوحد وحالات نمائية أخرى. يتعلم النموذج التنبؤ بتشخيص التوحد استنادًا إلى قياسات سلوكية متنوعة تم التقاطها أثناء هذه التقييمات.
الجوانب الرئيسية لاستخدام التعلم الآلي في Canvas DX:
- هيكل البيانات:
يتم هيكلة البيانات كمصفوفة كبيرة تحتوي على بيانات تصنيفية وترتيبية، تشمل قياسات سلوكية مختلفة مثل التواصل البصري، واستخدام اللغة، والاستجابة الاجتماعية.
- تدريب النموذج:
على مدار ثمانية أعوام، تم تدريب النموذج للتعرف على الأنماط والسوكيات في البيانات التي ترتبط بتشخيص التوحد.
- المدخلات متعددة المصادر:
يجمع Canvas DX المدخلات من مصادر متعددة، بما في ذلك مقاطع الفيديو للطفل في بيئات طبيعية، وتقارير الأهل، وتقييمات الأطباء. يعزز هذا النهج متعدد المصادر قدرة النموذج على إجراء تنبؤات دقيقة.
- التعلم المستمر:
تم تصميم النظام ليتكيف ويحسن أداءه بمرور الوقت مع جمع بيانات جديدة. يجب أن يتحقق النظام باستمرار من أدائه ويعزز قدراته التنبؤية.
- دعم اتخاذ القرار:
يمكن للخوارزمية إنتاج تنبؤات تشخيصية بسرعة، غالبًا ضمن جلسة واحدة، مما يقلل بشكل كبير من الوقت المطلوب للتقييمات التشخيصية التقليدية.
أمثلة عن كيفية تطبيق التعلم الآلي Machine Learning في الحياة اليومية:
- توصيات شركة نتفليكس الترفيهية Netflix:
يستخدم نتفليكس التعلم الآلي لتحليل أنماط المشاهدة وتفضيلات المستخدمين. يقدم النظام توصيات شخصية للأفلام والعروض بناءً على البيانات التاريخية للمستخدم وسلوك مستخدمين مشابهين. يعتمد هذا النظام على التعلم التعزيزي، حيث يتحسن النموذج بمرور الوقت استنادًا إلى ملاحظات المستخدمين (قبول أو رفض التوصيات).
- التصوير الطبي:
في مجال الطب، يُستخدم التعلم الآلي بشكل متزايد لأغراض التشخيص، خاصة مع الصور الإشعاعية. يتم تدريب النماذج على مجموعات بيانات ضخمة من الصور الطبية لتحديد حالات أو تشوهات محددة، وغالبًا ما تحقق دقة أعلى من أطباء الأشعة بفضل تعرضها لمجموعة واسعة من الحالات.
- التحكم في مرض السكري:
تعمل مضخات الإنسولين المزودة بإمكانات التعلم الآلي على تتبع مستويات السكر في الدم لدى المرضى وتوقع احتياجاتهم من الإنسولين بناءً على أنماطهم الغذائية والبيانات التاريخية. يوفر هذا النهج الشخصي دقة أكبر في توصيل الإنسولين، مما يعزز التحكم في مرض السكري بشكل فعال.
- التعرف على العواطف:
تُستخدم نماذج التعلم الآلي أيضًا في التعرف على العواطف، حيث تحلل تعبيرات الوجه لتحديد الحالات العاطفية. يمكن أن تكون هذه التقنية مفيدة بشكل خاص في البيئات العلاجية، مثل مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على التعرف على العواطف وفهمها.
توضح هذه الأمثلة التطبيقات المتنوعة للتعلم الآلي في تحسين تجارب المستخدمين، وتعزيز نتائج الرعاية الصحية، وتقديم حلول شخصية في مجالات مختلفة.
تُعد تقنيات التعلم الآلي أحد أبرز الأدوات المستخدمة في تحسين التشخيصات الطبية، وخاصة في حالات مثل التوحد. يوفر Canvas Dx مثالًا قويًا على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة التشخيص وتوفير التدخلات في الوقت المناسب، مما يؤثر بشكل إيجابي على تطور الأطفال. من خلال التعلم المستمر ودمج البيانات المتنوعة، يسهم هذا النظام في تقديم حلول تشخيصية سريعة ودقيقة. ومع تطور هذه التقنيات، من المتوقع أن يتمكن الأطباء من تقديم رعاية أكثر تخصيصًا وفعالية للمستفيدين.
لتسجيل ابنك أو ابنتك في خدمة التقييم في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)
المصدر:
إعداد: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد