يُعد تعزيز المهارات الاجتماعية لدى الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد من أبرز التحديات التربوية، خاصة في البيئات التعليمية. ومن بين الأساليب الفعالة التي أثبتت نجاحها في هذا المجال، يبرز “التدخل بواسطة الأقران” كأداة تربوية تعتمد على التفاعل الطبيعي بين الأطفال لتعليم السلوكيات الاجتماعية بطريقة غير مباشرة، من خلال الملاحظة، النمذجة، والتعزيز الإيجابي.
ما هو التدخل بواسطة الأقران في مجال تحليل السلوك التطبيقي؟
التعلم الاجتماعي من خلال التفاعل مع الأقران، والنمذجة، والتعزيز الإيجابي. بعبارة أبسط، هو توفير فرص للأطفال من ذوي التوحد أو ذوي الاضطرابات النمائية الأخرى لاكتساب مهارات اجتماعية جديدة عبر ملاحظة أقرانهم وتعلم السلوكيات منهم.
لماذا وكيف يُستخدم التعليم والتدخل عبر الأقران (PMII)؟
لتعليم الطلاب من ذوي التوحد وغيره من الاضطرابات النمائية ما يلي:
- كيفية الاستجابة للآخرين
- كيفية المشاركة مع الآخرين
- كيفية التفاعل مع الآخرين وداخل المجموعات
- كيفية فهم الآخرين
وقد ثبت أن التدخل بواسطة الأقران يُعد بديلاً فعالاً عن الإرشاد الفردي المباشر الذي يقدمه المساعدون في الفصول الدراسية. ويُستخدم بشكل واسع مع الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة والمرحلة الابتدائية لتعزيز النمو الأكاديمي، والتفاعل الاجتماعي، والتطور الشخصي، ويُنفّذ كجزء من المنهج اليومي.
ولا تقتصر فوائده على الطالب من ذويالتوحد او الاضطرابات النمائية الأخرى ، بل تشمل أيضًا الطلاب الذين يقدمون الدعم كأقران، حيث يُظهرون تحسنًا في التفاعل الأكاديمي، والمشاركة في الصف، وإتمام الواجبات المنزلية. يتم تدريب الطلاب الأقران – الذين يتم اختيارهم بعناية من قبل المعلم بناءً على مهاراتهم الأكاديمية والاجتماعية القوية – على تشجيع الطلاب من ذوي التوحد على الانخراط في تفاعلات اجتماعية.
كيف يبدو التدخل بواسطة الأقران في الواقع؟
في البداية، يشرف المعلم على تنفيذ استراتيجية التدخل بواسطة الأقران، وغالبًا ما يقوم بتوجيه الطفل (الطالب من ذوي التوحد) أو زملائه الأقران لبدء التفاعل. ومع مرور الوقت وازدياد راحة الطلاب في التفاعل معًا، يمكن للمعلم تقليل دعمه المباشر تدريجيًا.
من خلال استراتيجية هذه الاستراتيجية، قد يتعلم الأطفال من ذوي التوحد عبر:
- التوجيه بالملاحظة: التعلم من خلال مراقبة أقرانهم.
- اللعب القريب: اللعب بشكل مستقل بجانب أقرانهم باستخدام نفس المواد أو داخل نفس مساحة اللعب.
- التركيز المشترك: الانخراط في أنشطة تتضمن تفاعلًا مباشرًا مع الأقران، مثل تبادل الأدوار، مشاركة المواد، طلب الأشياء من الآخرين، أو دعوة أحد للعب.
يُشجَّع الأقران على تقديم الثناء، وتقديم المساعدة، وتعزيز التفاعل الاجتماعي مع الطالب من ذوي التوحد. أمثلة على ذلك:
- هل تود استخدام مقصّي؟
- هل يمكنني استعارة مقصّك من فضلك؟
- هل تحب أن أساعدك في قص هذا الورق؟
- شكرًا لمشاركتك مقصّك معي.
- لقد قمت بعمل رائع في قص الورق.
- هل يمكنك مساعدتي في ترتيب المكان من فضلك؟
- شكرًا لكونك متعاونًا جدًا.
عند إعداد وتطبيق خطة التدخل بواسطة الأقران، يجب أخذ ما يلي بعين الاعتبار:
- احتياجات الطالب من ذوي التوحد
- المهارات الاجتماعية أو السلوكية المستهدفة
- أهداف الخطة التربوي الفردية (IEP) للطالب من ذوي التوحد
- أهداف المعلم على مستوى الصف
- البيئة أو المكان الذي ستُنفذ فيه الاستراتيجية (مثل: صالة الألعاب، الصف، وقت الغداء)
يمثل التدخل بواسطة الأقران نموذجًا عمليًا وفعّالًا في دعم الأطفال من ذوي التوحد على تطوير مهاراتهم الاجتماعية داخل البيئة الصفية وخارجها. وعندما يتم تطبيقه بشكل منظم ومدروس، لا تعود فوائده على الطالب من ذوي التوحد فقط، بل تمتد لتشمل جميع الطلاب المشاركين، مما يعزز بيئة تعليمية شاملة ومحفزة للجميع.
المصدر:
Applied Behavior Analysis EDU. (n.d.). What is peer-mediated instruction and intervention in the context of applied behavior analysis? https://www.appliedbehavioranalysisedu.org/what-is-peer-mediated-instruction-and-intervention-in-the-context-of-applied-behavior-analysis/
ترجمة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد