ليديا Lydia (مؤلفة ومتحدثة ومدونة من ذوي التوحد، من بيتسبرغ Pittsburgh)
جميعنا نعرف أن مواقع التواصل الاجتماعي غيرت طريقة تواصل وتفاعل الناس، وكيف افتقدنا المحادثة وجها لوجه، التواصل عن بعد يفقدنا متعة اللحظة.
ولكن بالنسبة لي و الأفراد من ذوي التوحد الأمر مختلف حيث أن مواقع التواصل الاجتماعي جعلت العالم منفتحاً ومتواصلاً بطريقة أوسع وأشمل من المحادثة وجها لوجه.
سوف اسرد لكم تجربتي وإيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي، لكن أنا فرد واحد اعكس تجربة واحدة فقط، لذا سألت اصدقائي من ذوي التوحد لتكون من وجهة نظر مجتمع ذوي التوحد الذي أنتمي إليه، وطرحت هذا السؤال على اصدقائي من ذوي التوحد: كيف استفدت من “وسائل التواصل” الاجتماعي؟ (ملاحظة: استخدام “وسائل التواصل” هنا، يعني التواصل بشكل عام دون تحديد تطبيق بعينه، وذلك من أجل التواصل مع الآخرين عبر الإنترنت).
تقول كلوي .Chloe R “منحتني مواقع التواصل الاجتماعي فرصة التواصل كتابيًا مع الأصدقاء وأن أكون اجتماعيًا بطريقة أسهل”
يرغب العديد من الأفراد من ذوي التوحد في التفاعل الاجتماعي، إلا أن البيئة المحيطة قد تكون مزعجة ولا تراعي المشاكل الحسية الموجودة لدى أفراد ذوي التوحد. وعلى العكس من ذلك، يجد فرد ذوي التوحد في مواقع التواصل الاجتماعي التفاعل مع الآخرين دون تحمل عبء الأجواء المحيطة. كما أن الكتابة وسيلة تواصل غير متطلبة تسمح له بالتعبير عن نفسه بشكل واضح وصريح وتسهل عليه التعرف أكثر على المجتمع.
تقول كلوي .Chloe E “الجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع الأفراد الذين تجمعني بهم نفس الاهتمامات ”
يفضل العديد من أفراد ذوي التوحد تكوين صداقات على أساس الاهتمامات المشتركة، وقد يكون من الصعب العثور على أفراد يحبون نفس الأشياء التي تهتم بها. ولكنه سهل جداً في عالم الانترنت فهناك مجموعات لكل اهتمام ممكن أن تتخيله بعضها عالمية لأفراد من جميع أنحاء العالم وبعضها محلية وكلتا الحالتين طرق رائعة لمقابلة أفراد يشاركونك نفس الاهتمامات.
يقول بريجيد .Brigid R “من الرائع أن أستطيع التواصل مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم، لقد فتح هذا التواصل فرص عمل وشراكات كثيرة.”
ويلجأ بعض الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد لإنشاء حسابات اخرى لهم يقومون فيها بعرض وبيع أعمالهم الفنية أو عرض خدماتهم. يقوم البعض ايضا بكتابة المقالات او تدقيقها، سواء كانت هذه المقالات تدور مواضيعها حول التوحد وتجاربهم الشخصية في هذا المجال، أو حول مواضيع ذات صلة بدراستهم وخبراتهم المختصة. كما أن هناك بعض الشركات الداعمة لـ الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد وتبحث باستمرار عن دمج أفراد ذوي التوحد تحت مظلتهم ودفع رواتب لهم.
يقول كونر .Conner C ” في مواقع التواصل الاجتماعي نستطيع استخدام أصواتنا وكلماتنا مثل أي شخص آخر. لقد قمت بتغيير القانون ليصبح على أسمي ( قانون كونر)”.
من المهم جداً أن يتعلم الأشخاص من ذوي الإعاقات الدفاع عن أنفسهم، إلا أن هذا الأمر يعتبر تحدياً كبيراً، لأن لديهم صعوبات في التواصل. ولذا أعطت مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الفئة صوتاً للتعبير عن أنفسهم والدفاع عن حقوقهم. فمتى ما وجدت المنصة المناسبة يصبح بإمكانك التعبير عن نفسك و طرح آرائك مع عائلتك واصدقائك عبر المشاركة بصورة أو تعليق أو حتى كتابة مقال لتثقيف الآخرين أو العمل على تغيير قانون معين.
تقول آن .Anne N ” جميع علاقاتي الاجتماعية في نطاق مواقع التواصل الإجتماعي مثل برنامج زوم أو باستخدام الرسائل النصية والبريد الإلكتروني، لا أستطيع أن أتخيل عزلة أفراد ذوي التوحد قبل الانترنت.”
بعض الأفراد يصعب عليهم الحفاظ على الصداقات التي تكونت عن بعد، إلا أن هذا الأمر لا يسبب إشكالية بالنسبة للأفراد من ذوي التوحد. وأنا أرى أن افضل ما في الأمر أنه سيتم مراقبتك ودعمك في صفحة التواصل الإجتماعي من قبل أشخاص من ذوي التوحد أكبر منك سناً، متفهمون جداً ولديهم القدرة على شرح وتوضيح كل ما يصعب على فرد فريد من نوعه في هذا العالم. وبذلك تصبح لدي القدرة على دعم وتشجيع من سيأتي من بعدي. ولذا فأنا أرى أن هذه السلسلة من المراقبة والدعم بين هذه الفئة التي أنتمي إليها هي إحدى جوانب القوة التي تتميز بها تواصلاتنا الاجتماعية على شبكة الانترنت.
الدعم
بعض أفراد ذوي اضطراب طيف التوحد يمكنهم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستقل، والبعض الآخر من المراهقين والبالغين الذين لديهم احتياجات أعلى لدعمهم قد لا يستطيعون القيام بهذا بشكل مستقل، إلا أن هذا لا يعني أنهم لا يستطيعون استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الاطلاق. فمن الممكن أن يقوم مساعد بأخذ موافقة فرد ذوي التوحد ليقوم بمساعدته أثناء استخدام مواقع التواصل بأن يشارك الآخرين الأعمال الفنية مثلاُ أو الصور. كما بالإمكان نسخ المنشورات والرسائل لهؤلاء الذين يستخدمون وسائل التواصل المعزز والبديل (AAC). كما قد يحتاج بعض الأفراد إلى مساعدة في إعداد ملف التعريف واختيار إعدادات الخصوصية، مثل تخصيص الأصدقاء والعائلة فقط لمشاهدة التعليقات والصور. وأنا آمل أن يقدّر الوالدين قيمة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لدعم وتشجيع أبنائهم من ذوي اضطراب طيف التوحد على الدخول إلى هذا العالم.
الأمان
مع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يتحتم عليك معرفة بعض المخاطر في عالم الانترنت. ويفضل من كل فرد يرغب الدخول في هذا العالم أن يأخذ وقته في التعرف على هذه المشاكل.
- إعدادات الخصوصية
- حماية المعلومات الشخصية
- دوكسينق Doxxing (عندما يجد الآخرون معلومات شخصية عنك كعنوانك مثلاً ومن نشرها بالعلن).
- التعرف على عمليات الانتحال والنصب
- تمييز السلوكيات غير المناسبة وغير القانونية على شبكة الانترنت.
- قضاء وقت طويل على شبكة الانترنت
- التنمر عبر الإنترنت
اظهرت الأبحاث أن الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد يتعرضون للتنمر أكثر من أقرانهم من ذوي النمو الطبيعي. بما في ذلك التنمر في مواقع التواصل الاجتماعي. حتى بين أفراد ذوي التوحد أنفسهم هناك ردود فعل متفاوتة عند اختلاف وجهات النظر، تتراوح بين اختلافات مهذبة إلى مشادات ومضايقات شديدة. ولذا فمن المهم جداً أن يتمكن المستخدم من معرفة الحدود وكيف يقوم بحظر الآخر متى تجاوزها.
لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا نسخة خاصة من “المنهج الخفي” أي أن هناك مجموعة قواعد غير معلنة ولكن مفهومة على نطاق واسع والتي تحكم التفاعلات عبر الإنترنت. لا يعتبر خرق هذه القواعد أمراً خطراً ، لكنها قد تتسبب ببعض الإحراج أو المضايقات مما قد يثير بعض المشاكل مع الآخرين.
- إرسال الكثير من الرسائل في فترات متتالية.
- الكتابة بأحرف غير منتظمة.
- تمييز النكات والأسلوب الساخر في النصوص.
- تجاهل المتصيدون في التعليقات.
- المواضيع المثيرة للجدل
- وضع حدود للعلاقات بين شخصين
- تجنب مشاركة المعلومات الشخصية سواء الصور أو القصص أو التفاصيل.
لا تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي الحل الأمثل للعزلة الاجتماعية التي نواجهها كأفراد من ذوي التوحد، فلها عيوبها التي نواجهها بشكل دائم. وعلى الرغم من أن معظم الأفراد لديهم قدرة التغلب على السلبيات المتعلقة بهذه المواقع، إلا أنها تظل وجهة الكثير من ذوي اضطراب طيف التوحد الذين يجدون فيها الكثير من المميزات المناسبة لمن يرغب بالتواصل مع الآخرين ولكن بطريقته الخاصة والمختلفة عن بقية أفراد المجتمع. وفي حين أنها لا تتناسب مع الجميع، إلا أنها أحدى السبل الناجحة للانخراط في المجتمع والتواصل معهم, ولذا من المهم التركيز عليها ودعم وتشجيع الأفراد من ذوي التوحد على استخدامها.