يُعد التواصل الوظيفي أو مايعرف بال FCR من أحدث الطرق التدريبية الفعالة لتحسين جوانب التواصل الوظيفي ومواجهة المشكلات السلوكية للمساعدة في انخفاضها، ويعتمد التواصل الوظيفي على الأساسيات المنبثقة من علم تحليل السلوك التطبيقي. بدأت نشأته على يد الباحث هانلي حيث قام بتأسيس برنامج FTF Behavioral في أوائل 2019، وبدأ بتشكيل فريق من حملة شهادة الدكتوراه والماجستير المعتمدين من البورد الأمريكي لتحليل السلوك، يهدف البرنامج لتوفير تدريب فعال للغاية ودعم موثوق للمهنيين الذين يحاولون تبني عمليات تقييم وظائف السلوك في ممارساتهم وتوفير التدريب للمؤسسات، ويعد مركز التميز للتوحد أول المبادرين لتبني تفعيل البرامج الخاصة بـ FTF Behavioral في المملكة العربية السعودية.
الجدير بالذكر أن التدريب على البرنامج يعتمد على خطوات مترابطة تبدأ بعمل المقابلة المفتوحة (غير محددة الإجابة) مع الوالدين أو مقدمي الرعاية لمعرفة الوظيفة المحتملة للسلوك حيث تسمح لنا المقابلة بتحديد شكل المشكلة السلوكية والأدوات أو الأحداث، أو التفاعلات التي غالبًا ما تؤدي إلى حدوث المشكلة السلوكية. بالإضافة إلى العوامل التي تؤدي إلى إيقاف المشكلة السلوكية عند حدوثها. على سبيل المثال، نقوم بالسؤال، “ما الذي تفعله أو يفعله الآخرون عند حدوث المشكلة السلوكية؟” الإجابة على هذا السؤال، جنبًا إلى جنب مع الأسئلة الأخرى تساعد الفريق بإعداد وإنشاء البيئة والأدوات أو الاستجابات التي تحاكي تلك الموجودة في البيئة الطبيعية عند عمل التقييم، تلي المقابلة مرحلة التحليل الوظيفي حيث يتم تصميم جلسة تحفز ظهور المشكلة السلوكية لقياسها بعد ذلك يتم تطبيق الخطة العلاجية والتي تبدأ بمرحلة التواصل الوظيفي (FCR) والتي سنناقش خطواتها بشكل من التفصيل.
تكمن أهمية هذه الخطوة في كونها الخطوة الأولى في بدء مرحلة العلاج لخفض المشكلات السلوكية حيث يتم تعليم العميل الاستجابات التواصلية الوظيفية (FCR) كبديل للمشكلة السلوكية باستخدام العمليات المحفزة للسلوك ( EO) أو المواقف الغير مفضلة. ويجب التنوية على أن تلك الاستجابات تكون منخفضة الجهد بشكل بسيط ومن ثم يتم التدرج في المستوى البسيط ثم المتوسط ومن ثم المُعقد. ويتم تحديد تلك الاستجابات مع مراعاة الفروق الفردية بناءً على المهارات الحركية، مهارات الإدراك البصري بالإضافة إلى المهارات اللفظية للفرد، حيث يتم تحديد الإيماءات أو البطاقات المساعدة لغير الناطقين ويتم تحديد الكلمات بناء على قدرات ومستوى التواصل اللغوي لدى الناطقين من الممكن استخدام إيماءات اليد (على سبيل المثال ، أربعة أصابع مغلقة مع نقر الإبهام على الصدر) مع غير الناطقين ممن يمتلكون مهارات حركية أو استخدام الصور المساعدة (على سبيل المثال، بطاقة “دوري” ) مع غير الناطقين ممن يمتلكون مهارات الإدراك البصري، أما عن الناطقين فيمكن استخدام الجمل كعبارة (“هل يمكنني الحصول على دوري من فضلك”).، و بعد تحديد استجابات التواصل الوظيفي البسيط (FCR) نبدأ في إعداد بيئة مناسبة للتدريب حيث أنه ستكون لدينا منطقة معززة (SR) للطفل ومنطقة للعمل على المهام (EO)، كما تختلف كمية الفرص التعليمية المقدمة للطفل بناء على قدرات الطفل واستجاباته ويتم الانتقال للمرحلة الأخرى في حال وصول الطفل إلى خمس استجابات تواصلية وظيفية (FCR) مستقلة.
تسجيل البيانات:
يتم تسجيل البيانات في ورقة جمع البيانات المخصصة والمبنية على معايير قياس محددة تعتمد على نموذج يحدد مستوى جهد الاستجابة لكل محاولة (بسيط ، متوسط ،مُعقد ) ويرمز للمحاولات المستقلة (I) ، كذلك يتم توضيح تقديم المساعدة حيث يتم ترميزها بـ( P ) كذلك في حال ظهور المشكلة السلوكية يتم تسجيلها ويرمز لها R1 أو R2 بناءاً على السلوكيات التي تم تحديدها في المقابلة، ويرمز R1 إلى السلوك الأكثر حدة و R2 الى السلوك الأقل حدةً.
بعض الأمثلة التوضيحية لتطبيق مراحل التدريب للاستجابات التواصلية الوظيفية:
وعلى أثر ما ذكرناه سابقا في التدريب على التواصل الوظيفي FCR سنتطرق لذكر ثلاثة أمثلة تبين لنا قدرات مختلفة لعدة أطفال حيث سيتم تفصيل الحالة والمشكلة السلوكية والوظيفة المحتملة للسلوك وطريقة التدريب في مراحل التواصل الوظيفي FCR .
مستوى التواصل : اللفظي
المشكلة السلوكية : البكاء / رمى نفسه على الأرض
وظيفة السلوك : الحصول على شيء مرغوب / الهروب من المهمة
لنفرض أننا سنبدأ مع طفل عمره 4 سنوات ومستوى التواصل اللغوي لديه كلمة واحدة وفي خلال إجراء الخطوات الأولى لتحديد المشاكل السلوكية تبين من مقابلة الأسرة أن الطفل تظهر عليه مشكلات سلوكية تكمن في البكاء وتستمر في ظهور سلسلة من المشكلات السلوكية تصل الى رمي نفسه على الأرض ، وبعد إجراء تقييم التحليل الوظيفي ومعرفة وظائف السلوك المحتملة والتي تمثلت في الهروب من المهام والحصول على الشيء المرغوب وعلى اثرها يتم البدء في مرحلة التدخل والتي تضمنت تحديد سلوك تواصلي بديل مناسب لوظيفة المشكلة السلوكية حيث إن الخطوة الأولى من الـ FCR بدأت بتحديد تواصل وظيفي بسيط ( sFCR) باستخدام كلمة (دوري ) فقط وتعزيزها في حال استخدام الطفل لها لإكمال النشاط المفضل الذي يرغب به وبعد التدريب وظهور 5 محاولات استقلالية يمكننا بعد ذلك الانتقال للمرحلة المتوسطة (iFCR) والذي أصبح فيها الطفل يستخدم كلمة ( دوري ) وسؤاله ماذا تريد ويستجيب بالرد على سبيل المثال 🙁 كورة ) ويتم تعزيز هذه المحاولات وتقديم المعزز بشكل فوري وبعد إتقان هذه الخطوة ننتقل في التدرج إلى الخطوة الأكثر تعقيداً (cFCR) فيطلب في هذه المرحلة من الطفل استخدام المحاولات السابقة بالإضافة الى زيادة تركيب الجمل المستخدمة على سبيل المثال: يقول الطفل “دوري” فيجيب الأخصائي : ماذا تريد؟ فيجيب بـ “أريد الكرة””.
وكما ذكرنا سابقاً تختلف الحالات من حيث القدرات وفي مثال آخر لطفل عمره (…) ومستوى التواصل اللغوي للطفل غير ناطق ولديه مشكلة سلوكية وهي الضرب وصنفت كسلوك متوسط الشدة R2 أما السلوك الأكثر شدة R1 فهو الدخول في نوبة غضب تظهر بالصراخ مع البكاء والضرب، تبين من خلال التقييم الوظيفي FA أن وظيفة السلوك لدى الطفل الحصول على الشيء المرغوب وعدم رغبته في إيقاف النشاط المحبب لديه، أما في خطوة التدخل والتي تم تحديد طريقة مناسبة لقدرات الطفل حيث تم وضع بطاقة في مرحلة التواصل الوظيفي البسيط ( sFCR) والطلب من الطفل لمس بطاقة (دوري) و بهذه الاستجابة يتمكن من الحصول على المعزز وبعد تمكن الطفل من أداء /إظهار الفرص التعليمية باستقلالية انتقلنا لمرحلة التواصل الوظيفي المتوسط (iFCR) وقد تم تعقيد هذه المرحلة بشكل بسيط حيث تم تدريب الطفل على تقديم بطاقة ( دوري ) للأخصائي لمحاولة إكمال النشاط المحبب له وبعد التمكن من إظهار / أداء الفرص باستقلالية في هذه المحاولة تم الانتقال للمرحلة الاخيرة في التواصل الوظيفي FCR وهي التواصل الوظيفي الأكثر تعقيداً وقد تم اضافة كتاب PECS ووضع صورة ( دوري ) عليه والبدء بتدريب الطفل بأخذ البطاقة من الكتاب وتسليمها للمدرب والاستمرار بالتدريب للوصول للمرحلة الاستقلالية.
طفل 1 غير ناطق
السلوك 1 : الضرب
السلوك 2: البكاء والصراخ
وظيفة السلوك: الحصول على الشيء المرغوب والهروب من المهمة
التواصل الوظيفي البسيط: إعطاء بطاقة ( دوري ) للأخصائي (موقع البطاقة: على الطاولة بالقرب من الطفل)
التواصل الوظيفي المتوسط: إعطاء بطاقة ( دوري ) للأخصائي (موقع الصورة : بعيدة عن الطفل على غلاف كتاب التواصل PECS )
التواصل الوظيفي المعقد: إعطاء بطاقة ( دوري ) للأخصائي (موقع البطاقة : داخل كتاب التواصل PECS )
طفل 2 ناطق بكلمات مفردة
السلوك 1 : رمي نفسه على الأرض
السلوك 2: البكاء والصراخ
وظيفة السلوك: الهروب من المهمة والحصول على الشيء المرغوب
التواصل الوظيفي البسيط: قول كلمة ( دوري )
التواصل الوظيفي المتوسط: سؤال الطفل ماذا تريد ؟ ويقوم الطفل بطلب ما يريد بكلمة واحدة (كورة)
التواصل الوظيفي المعقد: سؤال الطفل ماذا تريد ؟ ويقوم الطفل بطلب ما يريد بكلمة و إضافة كلمة أريد قبلها (أريد الكورة )
طفل 3 ناطق بطلاقة
السلوك 1: الصراخ
السلوك 2: ضرب نفسه
وظيفة السلوك: الهروب من المهمة
التواصل الوظيفي البسيط: الطلب من الأخصائي باستخدام كلمة ( دوري )
التواصل الوظيفي المتوسط: الطلب من الأخصائي باستخدام جملة ( لو سمحتِ أبغى دوري )
التواصل الوظيفي المعقد: الطلب من الأخصائي لو سمحت أبغى دوري ، ثم سؤال الطفل ماذا تريد ؟ ويقوم الطفل بطلب مايريد ( أريد اللعبة).
ختاماً ، أثبت أن عمل المقابلات المفتوحة المركبة وجلسات تحليل وظيفة السلوك المعتمدة من قبل هانلي بكونها طريقة آمنة وفعالة للحد من المشكلات السلوكية الشديدة ومن خلال الجلسات التعليمية للتواصل الوظيفي يكتسب العملاء مجموعة متنوعة من المهارات بما في ذلك مهارات التواصل المهارات الأكاديمية والاستقلالية ومهارات الحياة اليومية.
للإنتقال إلى السلسلة الرابعة من البرنامج انقر على تقبل الرفض في التقييم العملي الوظيفي
لتسجيل ابنك أو ابنتك في برنامج تحليل السلوك التطبيقي في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)
كتابة: أ.بشائر شاجري – أ.ملاك العنزي – أ.أسماء الصالح – قسم تحليل السلوك التطبيقي – مركز التميز للتوحد
مراجعة: أ. عهود الحقباني – رئيس قسم تحليل السلوك التطبيقي – مركز التميز للتوحد