تؤثر بيئة الطفل تأثيراً قوياً على مستوى شدة التوحد، وفقًا لدراسة أجريت على 78 توأماً من التوائم المتماثلة و التي يعاني فيها توأم واحد على الأقل من التوحد.
قدم الباحثون بالأمس نتائج الدراسة التي لم تنشر بعد، في الاجتماع السنوي للجمعية العالمية لأبحاث التوحد لعام 2019 في مونتريال.
وقد بينت الدراسات التي أجريت على التوائم المتماثلة أن التوحد له أساس جيني قوي، أي أنه إذا كان أحد التوائم المتماثلة مصاب بالتوحد، فإن الآخر يكون مصاب بالتوحد أيضاً بنسبة تصل إلى 90%.
إن نتيجة الدراسة تدعم هذه التقديرات: 72 توأماً من كل 78 توأم، يكونون مشخصين باضطراب طيف التوحد. ومع ذلك فإن مستوى شدة التوحد يختلف بشكل كبير بين التوأمين نفسيهما، على سبيل المثال: يمكن أن يكون أحد التوائم ليس لديه لغة لفظية و الآخر يتحدث بطلاقة.
يقول قائد الدراسة البروفيسور جون كونستانتينو (أستاذ الطب النفسي وطب الأطفال بجامعة واشنطن في سانت لويس) “يكاد يكون من المستحيل أن نصدق بأن التوائم المتماثلة يمكن أن يكونوا مختلفين بشكل كبير”.
تشير نتائج الدراسة إلى أن جودة الحياة لدى الأطفال ذوي التوحد ليست مرتبطة ارتباطاً كبيراً بالعوامل الجينية.
يقول الدكتور لوسيا بوكسيتو (الأستاذ المساعد في علوم الطب الحيوي بجامعة واشنطن) الذي لم يشارك في الدراسة “يبين النقاش أن للبيئة دور كبير، وبالنسبة لي فهذا يبعث الأمل، لأن هذا يعني أنه إذا كان الطفل لديه عوامل وراثية قوية، فإن هناك فرصة قوية لتطوير مهاراته”.
سمات اضطراب طيف التوحد:
استخدم البروفيسور كونستانتينو وزملاؤه مقياس الاستجابة الاجتماعية ( SRS) وهو استبيان يقيس مدى شدة سمات التوحد، لتحليل بيانات 366 توأماً متماثلاً تتراوح أعمارهم من 4 سنوات إلى 18 سنة.
وبشكل عام فإن هناك توزيعاً متساوياً لسمات التوحد بين زوج التوائم؛ التوائم الذين لديهم توحد يكونون في نهاية واحدة من ذلك التوزيع. وهذا متوافق مع النظرية التي تقول أن سمات التوحد تمد الطيف عبر الأشخاص.
بناءً على الدرجات في استبيان مقياس الاستجابة الاجتماعية (SRS) فإن هناك 80% من كل 288 توأماً من عامة السكان متشابهين بشكل كبير, و على النقيض، فإن التوائم الذين بينهم على الأقل توأماً واحداً مصاب بالتوحد أظهروا 20% من التشابه فقط. بشكل عام كلما ازدادت شدة سمات التوحد في واحد من التوائم كلما ازداد احتمال أن يكون التوأم الآخر لديه مستويات مختلفة من هذه السمات.
يقول البروفيسور كونستانتينو، تشير النتائج إلى أن وجود إصابة في الدماغ تجعل الطفل سريع التأثر بالأحداث العشوائية التي تحدث في مرحلة الطفولة المبكرة.
إن عمر وجنس التوائم لم يؤثران في هذا التفاوت، إذا افترضنا أن هذه الأحداث العشوائية تحدث قبل سن الرابعة. تقول كايتلين هوداك (عالمة الأبحاث في جامعة واشنطن في سياتل) والتي لم تشارك في الدراسة “هذا مدهش”.
وتقول “ليس بالضرورة أن يكون التوأمان الرضيعان قد تعرضا لعزلة في أوقات معينة; ليس هناك الكثير من الوقت للعزلة في تلك المرحلة” .. “سيكون ممتعاً حقاً أن نتعمق أكثر في مرحلة التطور المبكرة ونميز الاختلافات لكي نحدد المرحلة”.
لقد وجد الباحثون نتائج متماثلة لأولئك الذين طبق عليهم استبانة مقياس الاستجابة الاجتماعية (SRS) عندما أجروا اختباراً مختلفاً لتحديد مستوى شدة التوحد، وهو جدول الملاحظة التشخيصية للتوحد(ADOS). لقد أجري الاختبار على 55 توأماً متماثلاً، واحد من التوائم مصاب بالتوحد على الأقل.
يقول البروفيسور كونستانتينو : “إن الأسباب لهذه الفجوة والتفاوت في مستوى شدة التوحد ليست واضحة، لكنها يجب أن تكون نشأت من تجربة لم يعيشها سوى واحد من هؤلاء التوائم”.وقد تكون جذور هذه الاختلافات إلى الطفرات الموجودة داخل الجسم و التي تحدث بعد الحمل وتكون في بعض خلايا الجسم.