سلسلة التدخلات المثبتة علمياً – Video Modeling النمذجة بالفيديو  

سلسلة التدخلات المثبتة علمياً – Video Modeling النمذجة بالفيديو  

النمذجة بالفيديو (VM) 

 هي استراتيجية تدخل تستخدم التقنية (مثل تسجيلات الفيديو وأجهزة العرض) لتقديم نموذج بصري لسلوك أو مهارة مستهدفة. ولهذا السبب، تُعتبر غالبًا أحد أساليب التقنية المساعدة

غالبًا ما تُستخدم النمذجة بالفيديو مع التوجيهات والتعزيز لزيادة قدرة المتعلم على تطبيق ما شاهده. يمكن استخدام النمذجة بالفيديو كوسيلة تعليمية مستقلة، أو دمجها مع ممارسات أخرى قائمة على الأدلة، مثل: إدارة الذات، أو تدريب المهارات الاجتماعية، أو القصص الاجتماعية. 

توجد أربعة أنواع رئيسية من النمذجة بالفيديو: 

النمذجة الأساسية بالفيديو Basic video modeling  

وهي أكثر أنواع النمذجة بالفيديو شيوعًا، حيث يتم تسجيل نموذج (إما من الأقران أو من البالغين) وهو يؤدي السلوك أو المهارة المستهدفة بشكل صحيح. يُعرض الفيديو قبل كل موقف تعليمي، ويتم توجيه المتعلم لتطبيق السلوك بعد المشاهدة. 

مثال: 
طالب في الصف السادس من ذوي اضطراب طيف التوحد، نادرًا ما يتفاعل اجتماعيًا مع زملائه، وإذا فعل، فإنه يسيطر على الحديث بشرح مفصّل عن  الفضاء . ترغب معلمته في أن يتعلّم كيفية التفاعل الاجتماعي بشكل يناسب عمره. فقامت بإعداد مقاطع فيديو لزملائه وهم يتفاعلون بطريقة اجتماعية مناسبة، وتعرض هذه المقاطع له قبل أن يذهب لتناول الغداء مع أصدقائه. 

النمذجة الذاتية بالفيديو (Video Self-Modeling)  

في هذا النوع من النمذجة، يكون المتعلم نفسه هو “النموذج الأساسي” في الفيديو. وتُستخدم هذه الطريقة من أجل: 

  • عرض أداء المتعلم للمهارة بشكل جيد. 
  • توضيح الطريقة الصحيحة لتنفيذ المهارة أو السلوك. 
  • تحديد الجوانب الإيجابية والسلبية في استخدام المتعلم للمهارة أو السلوك. 

مثال: 
طالبة في الصف الثالث من ذوي اضطراب طيف التوحد، وعندما تحتاج إلى المساعدة في أداء مهامها، تصرخ قائلة: “أحتاج إلى مساعدة الآن!”، ولا ترفع يدها أو تنتظر دورها، مما يسبب إزعاجًا لزملائها في الفصل. 
حاولت المعلمة أن تشرح لها أهمية رفع اليد وطلب المساعدة بهدوء، لكن لم يُجدِ ذلك نفعًا. 
لذلك، قررت المعلمة إعداد فيديو يُظهر للطالبة الطريقة الصحيحة لطلب المساعدة في الصف. 
كتبت المعلمة نصًا قصيرًا لتتبع فيه الخطوات، ثم تدربت الطالبة على تلك الخطوات، وتم تصويرها وهي تجلس بهدوء على كرسيها، وترفع يدها، وتطلب المساعدة، وتحصل على انتباه المعلمة ومساعدتها. 
وبعد الإنتهاء من الفيديو، تم عرضه على الطالبة لتشاهد كيف تبدو الطريقة الصحيحة لطلب المساعدة في الصف: رفع اليد، الطلب بهدوء، والانتظار بصبر حتى تستجيب المعلمة. 

النمذجة بالفيديو من منظور الشخص (Point-of-View Video Modeling) 

يتم في هذا النوع من النمذجة تسجيل فيديو من زاوية نظر المتعلم، بحيث يُظهر الفيديو المهارة أو السلوك وكأن المتعلم هو من يؤديه بنفسه. تساعد هذه الطريقة المتعلم على فهم خطوات المهارة من وجهة نظره الخاصة واستيعابها بشكل أفضل. 

مثال: 
طالب في المرحلة الثانوية ضمن برنامج تعليمي يركّز على المهارات المهنية. يعمل هو وزملاؤه ويحصلون على أجر مقابل عملهم. يحاول تعلّم كيفية استخدام جهاز الصراف الآلي (ATM) لإجراء معاملاته البنكية، لكنه يواجه صعوبة. 
يقرر معلمه، تجربة النمذجة بالفيديو من منظور الشخص لمساعدته. 
في البداية، يحدد المعلم الخطوات اللازمة لإجراء الإيداع، ثم يستخدم جهازه اللوحي لتصوير نفسه وهو يؤدي هذه الخطوات. 
يُظهر الفيديو يدي المعلم وهما تضغطان على الخيارات الصحيحة على شاشة الجهاز، خطوة بخطوة. 
بعد ذلك، يضيف المعلم تعليمات صوتية إلى الفيديو، ويستخدمه لتعليم الطالب كيف يقوم بعملية الإيداع. 
يعرض المعلم الفيديو على الطالب في موقف سيارات البنك قبل أن يقوم بالمهمة بنفسه. 

التوجيه بالفيديو (Video Prompting) 

يُستخدم هذا الأسلوب لتعليم المهارات التي تتكون من عدة خطوات، من خلال تقسيمها إلى أجزاء صغيرة. يتم تسجيل كل خطوة في فيديو منفصل، ويتم إيقاف الفيديو مؤقتًا عند كل خطوة، بحيث يقوم الطفل بأداء هذه الخطوة قبل الانتقال إلى الخطوة التالية. 
يُكرر هذا الأسلوب إلى أن يتمكّن الطفل من تنفيذ المهارة كاملة بنجاح. 

مثال: 
طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف، وهو من ذوي اضطراب طيف التوحد. في المنزل، ينتقل من نشاط إلى آخر دون إكمال أي مهمة. 
وعندما تذكره والدته، مثلًا، بضرورة إنهاء تركيب المكعبات (البازل) قبل تناول وجبته الخفيفة، غالبًا ما يعارض ويرفض القيام بأي شيء. 
تلجأ والدته أحيانًا للعقاب في محاولة لجعله يُكمل مهامه مثل ترتيب الألعاب أو إعادة الكتب إلى مكانها، لكن سلوكه ازداد سوءًا. 
صديقتها – التي لديها طفل آخر من ذوي التوحد – اقترحت عليها إنشاء فيديو يوضح خطوات إنهاء اللعب من المكعبات، وضعها في مكانها، ثم تناول الوجبة. 
فقامت الأم بتصوير ثلاث مقاطع قصيرة، بحيث تُظهر كل خطوة على حدة، وتشاهدها مع طفلها، ليقوم بأداء كل خطوة قبل الانتقال إلى التالية. 

تشترك أنواع النمذجة بالفيديو (VM) في خصائص مشتركة، ولكل نوع منها أيضًا سمات تميّزه. 

العناصر المشتركة بين جميع الأنواع: 

  • جميعها تستخدم مقاطع فيديو (مسجّلة أو رقمية) تظهر الفرد نفسه أو نموذجًا آخر (مثل الأقران، أو الأشقاء، أو الوالدين، أو المعلمين) وهم يؤدون السلوك أو المهارة المستهدفة. 
  • جميعها تتطلّب من المتعلم مشاهدة الفيديو بطريقة ما، قبل أن يُطلب منه أداء السلوك أو المهارة. 

ما يميّز كل نوع من أنواع النمذجة بالفيديو هو: 

  • من هو النموذج الظاهر في الفيديو. 
  • أو كيف تم تصوير الفيديو وطريقة استخدامه مع المتعلم.  

الأهداف التي يمكن تحقيقها باستخدام النمذجة بالفيديو تشمل: 

  • زيادة الاستقلالية أثناء الانتقال بين الأنشطة. 
  • تقليل الوقت اللازم لإتمام المهام. 
  • زيادة التفاعل في الأنشطة الأكاديمية. 
  • زيادة المبادرات الاجتماعية (مثل البدء بالكلام أو التفاعل مع الآخرين). 
  • تعزيز الاستقلالية بشكل عام. 
  • تحسين فهم الطفل لما هو متوقع منه في المهام أو الأنشطة. 
  • زيادة قدرة الطفل على إكمال مهام الحياة اليومية أو المهام المهنية بشكل مستقل. 
  • تطوير مهارات التفاعل الاجتماعي. 
  • زيادة قدرة الطفل على إظهار المهارات التي تعلمها. 
  • تسهيل اللعب والمشاركة في الأنشطة الترفيهية. 
  • تحسين تقليد الحركات الجسدية. 

تُعد النمذجة بالفيديو (VM) وسيلة فعالة مع المتعلمين من ذوي اضطراب طيف التوحد، لأنها تعتمد على عناصر تتماشى مع نقاط القوة لديهم وتتجنّب التحديات المعروفة. 
هذه الطريقة مبنية على التعلّم بالملاحظة، وهو أن الأفراد يتعلمون من خلال مشاهدة سلوكيات الآخرين، مثل: الأقران، الأشقاء، الوالدين، أو المعلمين، ثم تقليد هذه السلوكيات. 

ويُعد التعلّم البصري أو بالملاحظة من نقاط القوة الشائعة لدى الكثير من الأفراد من ذوي التوحد. حتى من يواجهون صعوبة في تقليد الآخرين قد يجدون أن تقليد السلوك من خلال فيديو أسهل، لأن الفيديو لا يفرض عليهم مطالب اجتماعية مباشرة  فالفيديو لا يتطلب رد فعل فوري منهم. 
كما أن الفيديوهات تتميّز بأنها ثابتة، قابلة للتكرار، ومنظمة، وهي كلها سمات مهمة للعديد من المتعلمين من ذوي التوحد. 

بالإضافة إلى ذلك، يعيش الأطفال اليوم في عالم يسيطر عليه استخدام التقنية. لذلك فإن استخدام الأجهزة مثل الأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية، والحواسيب المحمولة يُعد أمرًا طبيعيًا ومألوفًا، ولا يجعل الطفل يبدو “مختلفًا” عن أقرانه. 
كما أن النمذجة بالفيديو سهلة التطبيق من قِبل المعلمين ، نظرًا لتوفر الهواتف والأجهزة اللوحية في الفصول الدراسية، وسهولة إنتاج الفيديوهات وتعديلها بسرعة وبتكلفة بسيطة. 

لذلك، فإن النمذجة بالفيديو تعتبر وسيلة تعليمية ممتعة، مألوفة، وفعالة. 

يمكن استخدام النمذجة بالفيديو (VM) من قبل مجموعة متنوعة من المختصين، مثل: 
المعلمين، ومعلمي التربية الخاصة، والأخصائيين، والمساعدين، ومقدمي خدمات التدخل المبكر، وذلك في البيئات التعليمية والمجتمعية.كما يمكن للوالدين وأفراد الأسرة استخدام النمذجة بالفيديو أيضًا في المنزل وفي المجتمع. 

ختامًا، تُعد النمذجة بالفيديو (VM) من الأساليب التعليمية الفعالة والمناسبة جدًا للأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، حيث تعتمد على نقاط قوتهم في التعلم البصري وتوفر بيئة تعليمية منظمة وثابتة تقلل من الضغوط الاجتماعية. كما أن استخدام التكنولوجيا الحديثة يجعلها وسيلة طبيعية ومألوفة للمتعلمين والمعلمين على حد سواء، ويمكن تطبيقها بسهولة في البيئات التعليمية والمنزلية. لذلك، تمثل النمذجة بالفيديو خيارًا مميزًا لدعم تنمية المهارات والسلوكيات بشكل ممتع وفعّال، ويساهم في تعزيز استقلالية الطفل وتحسين تواصله وتفاعله الاجتماعي. 

لتسجيل ابنك أو ابنتك في خدمات تحليل السلوك التطبيقي في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)   

المصدر:   

AFIRM Modules. (n.d.). Technology-aided instruction & intervention (TAII). Frank Porter Graham Child Development Institute, University of North Carolina at Chapel Hill. Retrieved July 7, 2025, from https://afirm-modules.fpg.unc.edu/Technology-Aided-Instruction-Intervention/content/#/ 

ترجمة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد 

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 0 / 5. Vote count: 0

No votes so far! Be the first to rate this post.