هل يرتبط استخدام دواء الأسيتامينوفين (تايلنول، بنادول، فيفادول، بارامول) أثناء الحمل باضطراب طيف التوحد؟ 

هل يرتبط استخدام دواء الأسيتامينوفين (تايلنول، بنادول، فيفادول، بارامول) أثناء الحمل باضطراب طيف التوحد؟ 

في هذه الحلقة من البودكاست العلمي الأسبوعي لمؤسسة علوم التوحد ASF، طُرح النقاش حول موضوع مثير للجدل: هل لاستخدام دواء الأسيتامينوفين (تايلنول) أثناء الحمل علاقة باضطراب طيف التوحد؟ 

الفكرة الأساسية 

يُوضّح ضيف الحلقة أن الحديث عن وجود ارتباط لا يعني أنه سبب مباشر. فالتوحد حالة معقّدة ومتعددة العوامل، ولا يمكن اختزالها في عامل واحد مثل تناول دواء خلال الحمل. 

الجدل الأخير 

في الآونة الأخيرة، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال خبرًا بأن تقريرًا قادمًا سيُشير إلى التايلينول كسبب محتمل للتوحد. وقد أثار ذلك موجة من النقاش والدعاوى القضائية، رغم أن العلم ما زال بعيدًا عن إثبات هذا الادعاء بشكل قاطع. 

المراجعة المنهجية وما خلصت إليه 

إحدى المراجعات البحثية الحديثة وجدت بالفعل ارتباطًا بين استخدام التايلينول أثناء الحمل واحتمالية إصابة الطفل بالتوحد. لكن هذه النتيجة تحتاج إلى التوقف عندها بحذر، لأنها لا تعني بالضرورة وجود علاقة سببية. 

التحفّظات والانتقادات 

  • الارتباط لا يعني السببية، وهو لبس يقع فيه الكثيرون. 
  • بعض الدراسات اعتمدت على سمات التوحد فقط، لا التشخيص الرسمي. 
  • الاعتماد على ذاكرة الأمهات لتذكّر استخدام الدواء قد يكون غير دقيق. 
  • لم تتوفر بيانات كافية عن سبب تناول التايلينول (كالحمّى أو الألم)، وهي عوامل قد تُربك النتائج. 
  • الأخطر أن هذه الفرضية أعادت فكرة قديمة وغير علمية، تلقي اللوم على الأمهات بطريقة تذكّر بنظرية “أم الثلاجة” التي تم دحضها منذ عقود. 

أدلة أقوى من دراسات الأشقاء 

دراستان كبيرتان في السويد واليابان قارنتا بين أشقاء: طفل مصاب بالتوحد تعرّض للتايلينول، وشقيقه غير المصاب من نفس الأم. النتيجة كانت حاسمة: الارتباط اختفى عند التحكم في العوامل الوراثية وصحة الأم. هذا يشير إلى أن العوامل الجينية أو الصحية هي الأكثر تأثيرًا، لا الدواء بحد ذاته. 

أدلة مضادة إضافية 

  • مراجعة أحدث وأوسع نطاقًا (شملت تسع دراسات بدلًا من ست) لم تجد أي تأثير للتايلينول عند استخدام تحليل الأشقاء. 
  • مراجعة علم السموم لم تقدم أي تفسير بيولوجي مقنع يجعل التايلينول سببًا لاضطراب معقّد مثل التوحد. 
  • الادعاء بأن 75% من الحوامل يستخدمن التايلينول غير صحيح؛ النسبة الحقيقية أقرب إلى 7.5%. 
  • التوقف عن استخدامه لن يوقف التوحد، بل إن بعض الدراسات أشارت إلى أن استخدامه لعلاج الحمى قد يكون مفيدًا في بعض الحالات. 

التوصيات والمستقبل 

التوصيات الطبية الحالية واضحة: يمكن استخدام التايلينول أثناء الحمل عند الحاجة وبأقل جرعة ممكنة وبعد استشارة الطبيب. وهذه القاعدة تنطبق على أي دواء أثناء الحمل. 
في الوقت نفسه، التوحد يظل حالة معقدة تتأثر بعوامل جينية وبيئية متداخلة. لذا هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث الموسعة التي تشمل مختلف بلدان العالم، مع التركيز على علم الوراثة والبيئة والطب. 

الخلاصة 

رغم أن بعض المراجعات البحثية وجدت ارتباطًا أوليًا بين استخدام التايلينول أثناء الحمل والتوحد، فإن الدراسات الأوسع والأكثر دقة أثبتت أن هذا الارتباط يختفي عند أخذ العوامل الوراثية والصحية في الاعتبار. الرسالة الأهم من الحلقة هي أن التوحد لا يمكن تفسيره بسبب واحد، ولا ينبغي استخدام مثل هذه الفرضيات لإلقاء اللوم على الأمهات. 

لتسجيل ابنك أو ابنتك في خدمات التشخيص في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)    

المصدر:    

ASF Podcast. (2025, September 8). Let’s talk Tylenol [Audio podcast]. Autism Science Foundation. https://asfpodcast.org/archives/1925 

ترجمة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد 

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 0 / 5. Vote count: 0

No votes so far! Be the first to rate this post.