يتكون لدى الشخص عادةً انطباع معين عن الأماكن التي يزورها أو الأشخاص الذين يقابلهم. قد يكون هذا الإنطباع إيجابي أو سلبي، مما ينتج عنه تفضيل للمكان أو الشخص والرغبة في تكرار التجربة أو محاولة الهروب و الابتعاد. هناك عدة عوامل مسؤولة عن تشكيل هذا الانطباع تتمثل في المثيرات المقترنة بهذا المكان أو الشخص، مثل: الأنشطة والمأكولات والأماكن والتفاعل الاجتماعي وكل ما هو موجود في البيئة ويستطيع الفرد استشعاره من الحواس الخمس. فإذا كانت هذه المثيرات المرتبطة بالمكان أو الشخص مفضلة تساعد الفرد على الاستمتاع بقضاء الوقت في هذا المكان أو مع هذا الشخص.
يزور الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد المراكز والعيادات التأهيلية والعلاجية لتلقي الجلسات، ويتكون انطباعهم بالمكان والمعالجين من أول زيارة. وهنا من الضروري معرفة أهمية الاقتران، فبناء علاقة إيجابية مع الطفل في الأيام الأولى يعتبر أمر مهم، لأن الطفل سيكون انطباعه الأول عن المكان مما يساعده في تقبل المكان والمعالجين وينعكس إيجابياً على تعاون الطفل وتقدمه في الأهداف العلاجية. بالإضافة إلى أنه من المهم الإعداد مسبقاً لعملية الاقتران وبناء العلاقة عن طريق تهيئة البيئة وتجهيزها بالأنشطة والألعاب والمأكولات المفضلة.
ولإجراء عملية الاقتران، من الضروري قبل البدء في الجلسات وأثناء المقابلة مع الوالدين معرفة الألعاب والأنشطة والمأكولات المفضلة للطفل والحرص على توفيرها في البيئة العلاجية. خلال الجلسات الأولى، يجب أن تحتوي الغرفة العلاجية على عدد كافٍ ومنوع من المثيرات المفضلة، مثل أنشطة ومأكولات وألعاب للطفل وجعلها متاحة حيث يستطيع الوصول لها أو يقدمها له المعالج دون مقابل وبشكل مستمر مبدئياً مع التشديد على أهمية تنوع هذه المثيرات حتى لا يصل الطفل إلى الإشباع وتفقد قيمتها. بالإضافة إلى الحرص على عدم إعطاء الطفل أي تعليمات ومهام أو مقاطعة وإيقاف الأنشطة المفضلة أثناء اندماجه معها.
بعد أن أصبحت الغرفة العلاجية بيئة محببة للطفل، يتم البدء في تقديم المحاولات التدريبية بعدد وجهد قليل، مثلاً بعد أن كان الطفل يحصل على لعبة السيارة دون أي متطلب، يتم تدريبه على أن يطلبها ويقول “سيارة” ومن ثم إعطاءه لعبة السيارة فوراً ويقوم المعالج بتشكيل سلوك الطلب إلى جملة كاملة لاحقاً. عند ملاحظة تقبل الطفل للبيئة العلاجية، يتم نقل العملية التدريبية إلى الكرسي والطاولة ويبدأ ذلك بمحاولات تدريبية قليلة وزيادتها تدريجياً مع تقديم المثيرات المفضلة بعد كل استجابة صحيحة.
من الضروري أن يكون التركيز والجهد على عملية الاقتران وبناء العلاقة أكبر للمعالجين الجدد والبيئات الجديدة، لكن فعلياً يجب أن يستمر الاقتران دون توقف. فعلى المعالج أن يعطي الطفل وقت للاندماج في الألعاب والأنشطة المفضلة عند بداية كل جلسة وقبل بداية التدريب على الأهداف العلاجية. مع الحرص على توفير الأدوات والأنشطة والألعاب المفضلة بشكل مستمر في البيئة العلاجية.
وأخيراً، لعملية الاقتران وبناء العلاقة مع الطفل أثر هام في تقدم مهارات الطفل وخفض المشاكل السلوكية فهي تساعد بشكل كبير على تجاوب الطفل للمحاولات التدريبية مما يؤدي إلى سرعة اكتساب المهارات. ولذا فإن العلاقة هي أساس التواصل الفعال بين المعالج والطفل.