التوحد هو اضطراب عصبي نمائي يؤثر على تفاعل الشخص الاجتماعي، والتواصل، والسلوك. وهو اضطراب طيفي مما يعني أنه يؤثر على الأشخاص بطرق مختلفة وبدرجات متفاوتة.
يواجه العديد من الأشخاص من ذوي التوحد تحديات في حياتهم اليومية، ولكن مع الدعم المناسب والموارد، يمكنهم أن يعيشوا حياة مليئة بالرضى.
واحدة من أكثر المفاهيم الخاطئة حول التوحد هو أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب لا يمكنهم أن يعيشوا حياة “طبيعية” وهذا غير صحيح. فبينما قد يواجه الأشخاص من ذوي التوحد تحديات معينة، إلا أنهم قادرون تمامًا على تحقيق أهدافهم وأحلامهم كأي شخص آخر.
واحد من مفاتيح مساعدة الأشخاص ذوي التوحد على أن يعيشوا حياة طبيعية هو التدخل المبكر.
كلما تم تشخيص الشخص في وقتٍ مبكر بالتوحد، كلما استطاعوا الحصول على الدعم والموارد اللازمة للنجاح بشكلٍ أسرع.
قد تشمل هذه الدعم العلاجات مثل علاج اللغة والتخاطب، والعلاج الوظيفي، وجلسات تحليل السلوك التطبيقي، بالإضافة إلى الأدوية للتعامل مع أي حالات مرتبطة مثل القلق أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
عامل آخر مهم هو التعليم، يمكن للأشخاص من ذوي التوحد أن يستفيدوا من برامج تعليمية متخصصة تتناسب مع احتياجاتهم ونقاط القوة الفريدة.
خطط تعليمية فردية تصمم خصيصاً لتتماشى مع أسلوب تعلم الفرد وقدراته (IEPs)
ومع التدخل المبكر والتعليم، لا ننسى الدعم من الأسرة والأصدقاء والمجتمع فهو أمر بالغ الأهمية. قد يواجه الأشخاص ذوي التوحد تحديات في التفاعل الاجتماعي والتواصل، ولكن مع الصبر والتفهم، يمكنهم بناء علاقات ذات معنى.
ومن المهم أن نتذكر أن تعريف “الحياة الطبيعية” يختلف من شخص لآخر.
بالنسبة لبعض الأشخاص من ذوي التوحد، الحياة الطبيعية قد تعني الذهاب إلى الجامعة، الحصول على وظيفية، وتكوين أسرة. أما بالنسبة لآخرين، فقد تعني الحياة الطبيعية العيش بشكل مستقل، ممارسة الهوايات والاهتمامات، وتكوين صداقات مقربة.
هل يمكن لشخص يعاني من التوحد أن يعيش بشكل مستقل؟
العيش بشكل مستقل هو إنجاز مهم بالنسبة لكثير من الأشخاص من ذوي التوحد. بينما قد يحتاج بعض الأفراد إلى دعم مستمر، يمكن لآخرين أن يعيشوا بمفردهم مع الحد الأدنى من المساعدة. يمكن أن يشمل ذلك البحث عن وظيفة والحفاظ عليها، إدارة الأمور المالية، والقيام بالمهام اليومية مثل الطهي والتنظيف.
لمساعدة الأشخاص المصابين بالتوحد على العيش بشكل مستقل، من المهم تزويدهم بالأدوات والموارد الصحيحة واللازمة.
قد تشمل هذه الأدوات والموارد على التدريب على مهارات الحياة اليومية، والبرامج التأهيلية، والوصول إلى خيارات الإسكان ميسورة التكلفة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب التكنولوجيا دوراً اساسي في دعم استقلالية الأشخاص ذوي التوحد.
على سبيل المثال، التطبيقات والأجهزة التي تساعد في إدارة الوقت، التنظيم، والتواصل يمكن أن تكون مفيدة بشكل لا يصدق.
من المهم أيضًا التعرف على أن العيش بشكل مستقل لا يعني بالضرورة أن يعيش الفرد بمفرده. العديد من الأشخاص ذوي التوحد يزدهرون في بيئات السكن المشتركة أو المجتمعات السكنية الداعمة حيث يمكنهم الحصول على المساعدة عند الحاجة مع الحفاظ على استقلاليتهم.
بشكل عام، إذا كان شخص من ذوي التوحد قادرًا على العيش بشكل مستقل يعتمد ذلك على نقاط قوته والتحديات الفردية التي يواجهها بالإضافة إلى الموارد المتاحة، ومع توفير الدعم والفرص المناسبة العديد من الأفراد ذوي التوحد قادرون على أن يعيشوا حياة مليئة بالرضى بطريقتهم الخاصة.
هل يمكن لشخص يعاني من التوحد منخفض الأداء أن يعيش بشكل مستقل؟
من المهم أن تعرف أن قدرة الأشخاص ذوي التوحد على العيش بشكل مستقل تعتمد على الفروق بين افراد ذوي التوحد الذين يتمتعون بأداء عالي وأداء منخفض.
بينما قد يستطيع بعض الأفراد ذوي التوحد العيش بمفردهم بدون مساعدة كبيرة، فإن آخرين قد يحتاجون إلى دعم مكثف طوال حياتهم.
الأفراد ذوي الأداء المنخفض غالبًا ما يواجهون تحديات كبيرة في حياتهم اليومية، بما في ذلك صعوبات في التواصل، ومشاكل حسية، وصعوبة في مهارات الحياة الأساسية مثل العناية الذاتية وإدارة الأمور المالية.
نتيجة لذلك، يحتاج كثير منهم إلى دعم مستمر من مقدمي الرعاية أو ترتيبات معيشة متخصصة مثل المنازل الجماعية أو المرافق المعينة.
مع ذلك، من المهم عدم اتخاذ افتراضات حول قدرات الأفراد ذوي الأداء المنخفض. بفضل الدعم والموارد المناسبة، يمكنهم أن يعيشوا حياة مليئة بالرضى ويحققون أهدافهم.
قد تشمل وسائل الدعم هذه على الوصول إلى علاجات مثل العلاج الوظيفي أو علاج التخاطب، بالإضافة إلى برامج تدريب التأهيل المهني التي تلبي قدراتهم الفريدة.
وبالإضافة إلى الدعم المهني، تلعب الأسرة والمجتمع دورًا حاسمًا في حياة الأفراد ذوي الأداء المنخفض.
في النهاية، تعتمد قدرة الفرد من ذوي التوحد على العيش بشكل مستقل على مجموعة من العوامل بما في ذلك نقاط القوة والتحديات الفردية بالإضافة إلى الموارد المتاحة لهم. من خلال التعرف على هذه الاختلافات وتوفير الدعم والفرص المناسبة لجميع الأفراد ذوي التوحد، يمكننا المساعدة في ضمان أن يتاح للجميع فرصة للحصول على حياة مليئة بالرضى على طريقتهم الخاصة.
في الختام، يمكن للشخص من ذوي التوحد أن يعيش حياة طبيعية تمامًا بفضل الدعم والموارد الصحيحة والتدخل المبكر، والتعليم، والدعم المجتمعي وهي عوامل رئيسية في مساعدة الأشخاص ذوي التوحد على تحقيق أهدافهم والعيش حياة مليئة بالرضى.
من خلال فهم الأشخاص ذوي التوحد وقبولهم كما هم، يمكننا مساعدتهم في تحقيق إمكانياتهم الكاملة والتطوربطريقتهم الفريدة.
لتسجيل ابنك أو ابنتك في خدمات التقييم في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)
ترجمة: أ. احلام المسبحي – أخصائي محتوى وترجمة – مركز التميز للتوحد
مراجعة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتطوير – مركز التميز للتوحد