تعتبر رحلة التربية للأطفال من ذوي التوحد واحدة من أكثر الرحلات تعقيدًا وتحديًا. قد تكون العائلة التي لديها طفل مصاب بالتوحد مليئة بالأسئلة والقلق، خاصة حول ما إذا كان أطفالهم الآخرون سيتأثرون أيضًا. تبرز دراسة جديدة نُشرت في يوليو 2024 من مجموعة اتحاد أبحاث الأشقاء الرضع (Baby Siblings Research Consortium) هذه المخاوف، حيث تركز على معدلات الإصابة بالتوحد بين الأشقاء. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على نتائج هذه الدراسة وتقديم معلومات قيمة للأسر التي تتساءل عن احتمالية إصابة أطفالهم بالتوحد.
طريقة جمع البيانات:
في عام 2011، كانت هناك تحليلات لمعدل تكرار التوحد بين الأشقاء، وكان المعدل 18%. منذ ذلك العام، تم تسجيل المزيد من الأسر في هذه الدراسات الطولية التي تشمل الأشقاء الرضع، ونحن نعرف الآن المزيد عن العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند التشخيص. لذلك، قام الباحثون في مجموعة اتحاد أبحاث الأشقاء الرضع (BSRC) بقيادة سالي أوزنوف (Sally Ozenoff) في جامعة كاليفورنيا، ديفيس، بإعادة تحليل البيانات وضم مزيد من الأسر مقارنة بالسابق لإجراء تحليلات أكثر تفصيلًا حول عوامل محددة.
قاموا بجمع قاعدة بيانات تضم أكثر من 1600 عائلة لديها طفل مصاب بالتوحد. بعض هؤلاء الأشقاء الرضع تم تشخيصهم بالتوحد بينما لم يتم تشخيص الآخرين. لذا، نعلم من دراسات أخرى أنه حتى في غياب تشخيص التوحد، يحتاج هؤلاء الأشقاء إلى مراقبة دقيقة؛ حيث لديهم معدل أعلى من الإصابة بالاضطرابات النمائية، ومشكلات في اللغة، وكذلك اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
معدل الإصابة بالتوحد لدى الأشقاء:
وجدوا أن معدل تكرار الإصابة بالتوحد، بما في ذلك الذكور والإناث ومن جميع الأعراق والجنسيات وتاريخ العائلة، هو 20.2%. وهذا ارتفاع طفيف عن نسبة 18.7% التي تم الإبلاغ عنها في عام 2011، لكنه ليس ذا دلالة إحصائية. يؤكد هذا مرة أخرى وجود احتمال أعلى للتشخيص في الأسر التي لديها بالفعل طفل مصاب بالتوحد. لذا يجب على الأسر التي لديها تاريخ من التوحد مراقبة أي أطفال مستقبلين عن كثب لتحديد احتياجاتهم.
ما هي العوامل التي تؤثر على نسبة إصابة الأشقاء بالتوحد:
- جنس الرضيع، حيث نعلم أن الذكور أكثر عرضة للتشخيص من الإناث. كانت نسبة التكرار لدى الذكور 25%، بينما كانت لدى الإناث 13%.
- بعض الأسر لديها طفل واحد مصاب بالتوحد، وبعض الأسر لديها أكثر من طفل واحد. يُطلق على وجود طفل واحد مصاب بالتوحد اسم “بسيط” (simplex)، بينما يُطلق على وجود أكثر من طفل مصاب بالتوحد اسم “متعدد” (multiplex). حيث إنه إذا كان لديك بالفعل طفلان مصابان بالتوحد أو أكثر في الأسرة، فإن احتمالية إنجاب طفل ثالث أو رابع أو خامس هي 37%. وإذا كان لديك طفل واحد فقط في الأسرة مصاب، فإن معدل التكرار للأطفال المستقبلين هو 21%. وللتوضيح، كانت هذه البيانات تخص الأشقاء البيولوجيين فقط، حيث أظهرت الدراسات السابقة أن معدل التكرار يكون حوالي نصف هذا الرقم بالنسبة للأشقاء غير البيولوجيين.
- هناك تفاعل بين جنس الرضع وعدد الأطفال المصابين بالتوحد الموجودين في الأسرة. كانت نسبة التكرار للأشقاء الإناث من عائلة بسيطة 12.6%، بينما كانت نسبة التكرار للأشقاء الإناث من عائلة متعددة حوالي 40%.
- إذا كان الطفل الأكبر المصاب بالتوحد أنثى، فإن معدل إصابة الطفل التالي، سواء كان ذكرًا أم أنثى هو 34.7%. و إذا كان الطفل الأول ذكرًا مصابًا بالتوحد، كان المعدل 22.5%.
في النهاية، تقدم النتائج نظرة معمقة ومهمة حول التوحد ومعدلات تكرار الإصابة بين الأشقاء. على الرغم من أن الأرقام قد تعطي بعض الطمأنينة، إلا أنها تبرز أيضًا الحاجة الملحة لمراقبة دقيقة لأي أطفال مستقبلين. تعد هذه المعلومات أساسية للأسر، حيث تساعد في فهم التحديات التي قد تواجهها، وتتيح لهم اتخاذ خطوات استباقية لضمان حصول جميع الأطفال على الدعم والرعاية اللازمة. إذا كنت أحد الوالدين لطفل مصاب بالتوحد، تذكر أن المعلومات والمعرفة هما المفتاحان لتوفير أفضل بيئة ممكنة لأطفالك.
المصدر:
Alycia Halladay. (2024, July 21). Recurrence Rates for Families with an ASD child. Autism Science Foundation. Recurrence rates for families with an ASD child – ASF Weekly Science Podcasts
أعداد: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد