الإطفاء (Extinction) – سلسلة التدخلات المثبتة علمياً

الإطفاء (Extinction) – سلسلة التدخلات المثبتة علمياً

في مجال تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، تعد استراتيجيات تعديل السلوك أداة أساسية لتوجيه الأفراد نحو سلوكيات مرغوبة. من بين هذه الاستراتيجيات، يظهر “الإطفاء” كأداة فعّالة لإزالة السلوكيات غير المرغوبة تدريجيًا. في هذا المقال، سنتعرف على مفهوم الإطفاء في تحليل السلوك التطبيقي، وكيفية تطبيقه لتحقيق نتائج إيجابية في التعامل مع السلوكيات غير المرغوبة

ما المقصود بالإطفاء في مجال تحليل السلوك التطبيقي (ABA)؟

يشير مصطلح “الإطفاء” إلى تلاشي واختفاء السلوكيات غير المرغوبة تدريجيًا. وعندما يتوقف السلوك عن الحدوث تمامًا، يُقال إنه “انقرض” أو “تم إطفاؤه”، وتُعرف العملية العلاجية التي تؤدي إلى ذلك باسم “الإطفاء”.

تعتمد فلسفة تحليل السلوك التطبيقي على التعزيز الإيجابي كوسيلة لتشجيع السلوكيات الإيجابية. أما الاستجابات السلبية للسلوكيات غير المرغوبة، فهي لا تُعد فعّالة في إيقاف تلك السلوكيات. بل إن الامتناع عن التعزيز، أو تجاهل السلوك غير المرغوب فيه، مع تقديم تعزيز إيجابي للسلوك المرغوب فيه، هو ما يؤدي بشكل طبيعي إلى اختفاء السلوكيات السلبية. يُقصد بالتعزيز أي نتيجة تُقدَّم مباشرة بعد حدوث سلوك معين وتزيد من احتمال تكرار هذا السلوك مستقبلًا.

ولا يتم تحقيق الإطفاء من خلال أنظمة العقاب أو التأديب التقليدية—أي أن يُظهر الطفل سلوكًا غير مناسب، فيقوم الأخصائي بالرد على هذا السلوك لمحاولة إيقافه. بل على العكس، تُعزز فقط السلوكيات التي تُعد إيجابية، بينما يتم تجاهل جميع السلوكيات السلبية.

في حين أن تجاهل السلوك وعدم تقديم التعزيز الإيجابي يُعد استراتيجية فعّالة، فإن الإطفاء قد يعني أيضًا حرمان الطفل من الوصول إلى مواد أو أنشطة معينة (على سبيل المثال، لا يُسمح للطفل بمغادرة الفصل لتناول الغداء حتى يقف في الصف مع زملائه).

ما المقصود بتجاهل السلوك؟

بشكل عام، خلال تطبيق أسلوب الإطفاء، يتم تجاهل السلوك غير المرغوب فيه تمامًا: لا يوجد تواصل بصري، ولا تلامس جسدي، ولا أي رد فعل لفظي أو عاطفي من الطرف الآخر.

مثال: طفل يثير الفوضى في الصف، وزملاؤه يضحكون. ضحكهم يعتبر نوعًا من التعزيز لهذا السلوك، مما يزيد من احتمالية تكراره في المستقبل. لكن إذا قام الطفل بنفس التصرف، ولم يحصل على أي رد فعل من المعلم أو الطلاب (تجاهلوه تمامًا)، فإن التعزيز يختفي. وبدون تعزيز، تقل فرصة تكرار هذا السلوك لاحقًا.

متى وكيف يُستخدم الإطفاء؟

يمكن استخدام الإطفاء لعلاج عدة أنواع من السلوكيات، مثل:

  • مشاكل النوم أو الأكل
  • السلوكيات الخطيرة أو العدوانية، أو التي قد تسبب أذى للطفل أو للآخرين
  • مشاكل في التواصل الوظيفي
  • السلوكيات الاجتماعية غير المناسبة

تطبيق الإطفاء يتطلب صبرًا وثباتًا من المختص، لأن من الشائع أن يزداد السلوك غير المرغوب فيه في التكرار أو الشدة قبل أن يبدأ بالاختفاء. على سبيل المثال، قد يصبح الطفل أكثر إزعاجًا أو يصدر أصواتًا أعلى عندما لا يحصل على رد فعل، في محاولة لجذب الانتباه. هذا التصعيد المؤقت يُسمى “طفرة الإطفاء” (Extinction Burst).

قبل تطبيق الإطفاء، يجب على المختص:

  • تحديد السلوك المستهدف، وتحليل نمط ظهوره (مثل: كم مرة يحدث، مدته، شدته، أين ومتى يحدث أو لا يحدث).
  • إعداد خطة إطفاء واضحة، ومشاركتها مع جميع العاملين مع الطفل لضمان التناسق والدعم. وفي حالة الصف الدراسي، قد يشمل ذلك توعية الطلاب بعدم التفاعل مع السلوك.
  • إعداد خطة أمان للتعامل مع “طفرة الإطفاء” في حال تدهور السلوك مؤقتًا قبل أن يتحسن.

الإطفاء هو إحدى استراتيجيات تعديل السلوك الهامة في تحليل السلوك التطبيقي، التي تساهم في تلاشي السلوكيات غير المرغوبة من خلال عدم تقديم التعزيز لها. يتطلب تطبيق هذه الاستراتيجية صبرًا ومثابرة، بالإضافة إلى التنسيق الدقيق بين جميع المعنيين بالعملية. من خلال استخدام الإطفاء بشكل فعال، يمكن تحقيق تغييرات إيجابية ومستدامة في سلوك الأفراد.

لتسجيل ابنك أو ابنتك في خدمات تحليل السلوك التطبيقي في مركز التميز للتوحد على الرابط التالي (هنا)   

المصدر:   

AppliedBehaviorAnalysisEdu.org. (n.d.). What is meant by extinction in ABA therapy? https://www.appliedbehavioranalysisedu.org/what-is-meant-by-extinction-in-aba-therapy 

ترجمة: د. رفيف السدراني – رئيس قسم المحتوى والتوعية في مركز التميز للتوحد 

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 0 / 5. Vote count: 0

No votes so far! Be the first to rate this post.

Read progress

Share this article

Similar content

خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض

 


استخدم كود معرف العميل