تاريخ الاعتماد في الرعاية الصحية ولماذا يجب على مجال تحليل السلوك التطبيقي تبنّيه

تاريخ الاعتماد في الرعاية الصحية ولماذا يجب على مجال تحليل السلوك التطبيقي تبنّيه

نشر هذا المقال في موقع جيد هيلث في 8 مايو 2025م و تم ترجمته بتصرف

على مدى عقود، شكّل نظام الاعتماد ركيزة أساسية لضمان الجودة وسلامة المرضى ومصداقية القطاع الصحي. لكن هذا التحول لم يحدث بين ليلة وضحاها؛ فقد واجهت قطاعات الرعاية الصحية الأولى الكثير من المقاومة والتشكيك والتحديات اللوجستية، سواء من حيث التكاليف أو العبء الإداري أو التكيف الثقافي. ومع ذلك، ومع مرور الوقت، أصبح الاعتماد عامل ثقة أساسيًا وشرطًا لا غنى عنه للحصول على التمويل وتعويضات التأمين وثقة الجمهور.

1. من البرامج الاختيارية إلى شرط التمويل في المستشفيات

في أوائل القرن العشرين، كانت المستشفيات تعمل دون رقابة صارمة، ما أدى إلى تفاوت كبير في معايير العلاج والنتائج السريرية والممارسات الأخلاقية. وللارتقاء بمستوى المساءلة، أطلق الكلية الأمريكية للجراحين عام 1917 “برنامج توحيد معايير المستشفيات”، الذي تطوّر لاحقًا إلى “اللجنة المشتركة” الحالية. لقد رفض بعض مديري المستشفيات هذه المعايير بدعوى أنها مزعجة ومكلفة، لكن ربط الاعتماد بتمويل مديكير وميديكيد في ستينيات القرن الماضي أجبرهم على الالتزام، مما ارتقى في نهاية المطاف بجودة الرعاية وساهم في تعزيز الدعم المالي والمصداقية المؤسسية والحماية القانونية للمستشفيات.

2. مسار الاعتماد في الصحة النفسية والسلوكية

واجهت مؤسسات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان انتقادات حادة في منتصف إلى أواخر القرن العشرين بسبب تفاوت الرعاية والممارسات غير الأخلاقية وغياب المعايير الموحدة. حينها تدخلت هيئات الاعتماد مثل اللجنة المشتركة ولجنة اعتماد مرافق التأهيل لتفرض تطبيق العلاج القائم على الأدلة والمعايير الأخلاقية وتحديث مهارات العاملين بشكل دوري. واجه المزودون معارضة في البداية خشية ارتفاع التكاليف وتضخُّم الوثائق، لكن تشديد شركات التأمين والجهات الحكومية على الاعتماد قبل التعويض غيّر المعادلة وحرص الجميع على الامتثال، ما رفع مستوى الثقة بقدرة المرافق المعتمدة على تقديم خدمات متينة وآمنة.

3. الاعتماد في خدمات العلاج المنزلي والعيادات الخارجية

قبل التسعينيات، كانت وكالات الرعاية المنزلية ومقدمو خدمات العلاج الفيزيائي والمهني يعملون دون رقابة كافية، مما أدى إلى تباين في جودة الرعاية وممارسات فواتير احتيالية ومشكلات في الوصول إلى الخدمات. استجابةً لتوسع برامج الرعاية الحكومية مثل مديكير وميديكيد، جُهّزت متطلبات اعتماد أشدّ بواسطة جهات مثل اللحنة الوطنية لضمان الجودة ولجنة اعنماد مرافق التأهيل و . وبرغم التحفّظات الأولية من مقدمي الخدمات على الأعباء الإدارية والمالية، أصبحت خلال أقل من عقد المعيار الذهبي لعقد الصفقات مع شركات التأمين والمستشفيات والجهات الحكومية، ما ساهم في رفع المعايير المهنية وزيادة رضى المرضى واستقرار التمويل للمؤسسات المعتمدة.

4. تبعات الاعتماد على مجال تحليل السلوك التطبيقي

شهد مجال تحليل السلوك التطبيقي نموًّا هائلًا خلال العقدين الماضيين بفضل انتشار الوعي بالتوحد وتوسّع تغطية التأمين والطلب المتزايد على التدخل المبكر. إلا أن غياب اعتماد موحد للمؤسسات العاملة في هذا المجال خلق تفاوتًا ملحوظًا في جودة الخدمات ومخاوف أخلاقية وصعوبات في الموافقات التمويلية. فالاعتماد الحالي للكوادر (مثل شهادات محلل سلوك معتمد من قبل مجلس اعتماد محللي السلوك) يضمن كفاءة الأفراد، لكنه لا ينظم عمل المنظمات بأكملها.

لقد بادرت هيئات متخصصة مثل مركز التميز للصحة السلوكية بوضع معايير واضحة لجودة المؤسسات وموثوقية تقديم العلاج والالتزام بالممارسات الفضلى. ورغم تردُّد بعض المنظمات خشية التكاليف والإجراءات الإدارية والتغييرات التشغيلية، فإن التجارب السابقة في المستشفيات والصحة النفسية وخدمات العلاج المنزلي أثبتت أن المنافع على المدى الطويل تفوق التحديات الأولية بكثير

ملاحظة : هنا رابط مركز التميز للصحة السلوكية

5. فوائد الاعتماد المستقبلي لـتحليل السلوك التطبيقي

  • تعزيز المصداقية المهنية: يُنظر إلى المؤسسات المعتمدة على أنها تقدّم خدمات أكثر اتساقًا وأخلاقية.
  • فرص تمويل أفضل: تتجه شركات التأمين والجهات الحكومية نحو ربط التعويض بالاعتماد التنظيمي للمؤسسات.
  • ثقة الأُسر والمستفيدين: يطمئن أولياء الأمور عندما يعلمون أن المؤسسة تلبي معايير معترفًا بها رسميًا.
  • الجاهزية للتنظيمات المستقبلية: التبنّي المبكر للاعتماد يضع المؤسسات في موقع متقدّم أمام أي متطلبات تشريعية أو تنظيمية قادمة.

في غضون السنوات الخمس إلى العشر القادمة، من المرجح أن يصبح الاعتماد معيارًا أساسيًا للمؤسسات العاملة في ميدان تحليل السلوك التطبيقي التي تسعى للحصول على تعويضات التأمين أو التمويل الحكومي. لذا، فإن تبنّي الاعتماد اليوم يُعد استثمارًا استراتيجيًا في مستقبل هذا التخصص ويعزّز قدرته على تقديم رعاية مبنية على الأدلة وبتركيز حقيقي على المستفيدين.

ملاحظة: تم استخدام أداة تشات جي بي تي 4

إعداد: د. فيصل النمري – الرئيس التنفيذي لمركز التميز للتوحد

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 0 / 5. Vote count: 0

No votes so far! Be the first to rate this post.

Read progress

Share this article

Similar content

خصم التميز

خصم 20 % لعملاء بنك الرياض

 


استخدم كود معرف العميل